الحوار و واجب الضمير والوطن/د.محمد محمود ولد اعلي
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام علي رسوله الكريم
الحوار و واجب الضمير والوطن
رسالة مفتوحة إلي الجميع
إخوتي، أخواتي الأعزاء ها أنا أطل عليكم من جديد للتواصل و تبادل الآراء حول الشأن العام ألا وهو المصلحة الوطنية أي مصلحة البلاد والعباد، وذلك من منطلق النية الصادقة في الإصلاح والتقدم إلي الأمام من أجل تحقيق المعني و الهدف العام لديننا الإسلام ألا وهو السلام لنا جميعا كإخوة و شعب و امة سواء من المنظور الضيق الجماعة أو العام الوطن أو الشامل العالم.
وبما أن هذا السلام هو مبتغي كل إنسان و هدف كل لأمم فانه من واجبنا جميعا المساهمة في تحقيقه كل من موقعه للوصول إلي السعادة البشرية.و من هنا علينا أن نتساءل أين نحن الآن من ذلك؟ و أين نحن من السلم و الطمأنينة؟ و هل نحن وطنيون أم متخاذلين؟ و أين نحن من مضمون الإيمان الذي يحتم علينا أن نحب للآخر ما نحب لأنفسنا؟ و إذا كان الحوار سنة في ديننا حميدة فليمالا نتحاور؟ والإجابة علي هذه الأسئلة تتطلب الكثير و الكثير إلا أننا لكي لا نطيل و لكون الوقت من ذهب فسيكون جوابنا مختصرا ومبنيا علي الواقع و الموضوعية و قول الحق ولو علي أنفسنا كما يقال.
و الإجابة علي تلك الأسئلة هي أن تلك السعادة و ذلك السلم و الطمأنينة و كذلك الوطنية و الإصلاح، التآخي و التضامن،العمل والتضحية، الاستقامة و الوفاء، الصدق و الأمان..............الخ هي أمور للأسف الشديد أصبحت شبه منعدمة في مجتمعنا و وطننا بسبب ما أصبحنا نعيشه من أمور غريبة علي مجتمعنا المسلم و في وطننا الغالي ، بحيث أصبحت تهدد كيانه و مصيره و من بين أهم هذه الأمور مثلا:
° تراجع الأخلاق الإسلامية و المبادئ الإنسانية و الضمير الاجتماعي و الإيمان بالوطني ....................الخ
° انتشار أ مراض القلوب بين الناس كالحسد و الحقد، البغض و الكراهية، النميمة و الغيبة، سوء الظن و الأذى....الخ
° عدم الإحساس بالمسؤولية بصفة عامة، مما أدي إلي عدم القيام بالواجبات و الالتزام بالحقوق.......الخ
° تصاعد الخطاب الفئوي و العرقي و القبلي والجهوي وكذلك الطبقي والعنصري......................................الخ .
° التخلي عن مبادئ النية الصادقة و الجدية ،النصيحة و القناعة، التعلم والعمل، المكافأة و العقاب، الحلم و الصبر..........الخ
° التمايز الطبقي بسبب فارق الهوة بين طبقتي الأغنياء الضيقة و الفقراء الواسعة...الخ .
الفوضى العارمة الناتجة عن عدم احترام النظام العام بدء بفوضوية المرور إلي عدم احترام و تطبيق القواعد و القوانين العامة .
° السباق المحموم علي الدنيا و شهواتها من سلطة و مال و جاه بين الجميع و علي كل المستويات مما تسبب في انتشار قيم سلبية و مدمرة كالكذب الذي قال فيه صلي الله عليه وسلم أن صاحبه ليس منا أي المؤمنين و النفاق الذي جاء في القرآن الكريم أن صاحبه في الدرك الأسفل من النار و التملق ، الانتهازية و الأنانية، المحسوبية و الزبونية، الاحتيال و السرقة، الظلم و الجور..................الخ
° تراجع إن لم نقل غياب القيم و الأخلاق النبيلة التي نص عليها ديننا الحنيف من تآخي و تسامح، تكافل و تضحية، مروءة و شهامة، زهد و كرم، صدق و أمان، عهد و وفاء، عدل و إنصاف............................................................الخ
° تغليب المصلحة الخاصة و الضيقة علي المصلحة العامة و الشاملة
° شيوع ظواهر الغبن و الامتياز من جهة و الحرمان و الإذلال من جهة أخري
° غياب كل من العدالة و المساواة و الإنصاف في الكثير من الأمور مثل عدم تقديم معايير الكفاءة و الأقدمية و النزاهة و التخصص في التعيينات من جهة و عدم احترام الأسبقية و الموضوعية و الأحقية في أمور الشأن العام من جهة أخري
° انتشار بعض المسلكيات العائقة للتنمية و التقدم كالفساد الإداري و المالي كاختلاس المال العام عن طريق الصفقات المشبوهة و الفكاتير الخيالية و الرشوة و التزوير سواء في الشهادات أو الأوراق المدنية من جهة وانتحال الشخصية والصفة من جهة أخري
° تزايد بعض العادات السيئة في المجتمع كالتكبر و التعالي الذين لا يشم صاحبهما رائحة الجنة و التفاخر و التقليد الأعمي و كذلك التبذير و التسابق في بناء و تجهيز المنازل إضافة إلي عدم التكافل والتصدق علي الفقراء...................................الخ
و بعد كل ما تقدم من عرض لواقعنا السلبي والذي لا نقصد من وراءه أن تكون الصورة سوداء و إنما لنقف بكم وقفة تأمل و تفكير عن ما نحن عليه حقيقة لكي نعرف أين الاتجاه والي أين نريد أن نصل،و من هنا أتوجه إلي الجميع من سلطة حاكمة و نخبة سياسية من أغلبية و معارضة وكذلك النخبة الوطنية سواء كانت عسكرية أو مدنية، إضافة إلي كل أصحاب الرأي من علماء و مثقفين و وجهاء و مواطنين أغنياء و بسطاء، شبابا و شيوخا، رجالا و نساء بأن علينا جميعا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب و ننظر إلي المستقبل أي مصيرنا كأمة موريتانية قوية و موحدة كما تركها الأجداد، ولن يتأتي ذلك إلا إذا حكمنا العقل و الحكمة في تعاملنا مع كل تلك الأمور لإيجاد حلول مناسبة لها عن طريق تقديم حسن النوايا و التسامح و طي صفحات الماضي والشروع في حوار شامل و صادق بكون هدفه العام و الأوحد هو تحقيق المصلحة العامة لكونها تؤدي إلي السلم و الأمان و بالتالي التقدم و الازدهار لنا جميعا.
فنحن وطن و شعب حابانا الله جميعا بنعمة الإسلام و دولتنا بسيطة التركيب ، حيث لا تتعدي قومياتنا الثلاثة أو الأربعة من جهة ولا يتعدي عدد سكانها الأربعة ملايين نسمة من جهة أخري ، هذا الإضافة إلي كون بلدنا فتيا و غنيا بثرواته الطبيعية و المتجددة كالثروتين الحيوانية و السمكية، و كذلك الثروة المنجمية والنفطية كالحديد و الذهب والنحاس، البترول و الغاز ، هذا بالإضافة إلي الزراعة والسياحة، التجارة و الصناعة التقليدية....................................................................................الخ
و مادامت الحالة علي هذا النحو فكيف بنا لا نحمد الله علي كل ذلك و نقيد هذه النعم و نحقق تلك السعادة المنشودة عن طريق :
° الإيمان الصحيح المتمثل في إشاعة روح المحبة والإخاء و حسن النوايا
° القناعة بالقضاء و القدر و بأن الرزق مضمون لنا ما دمنا أحياء و كذلك بأن العمر محدود و الموت حتمية و الحساب لا مفر منه
° التخلق بالأخلاق الفاضلة كالصدق والاستقامة، العدل والإنصاف، الوفاء والإحسان، الكرم والتسامح.......................الخ
° التضحية من أجل الآخرين و التحلي بروح التضامن والتكافل..........................................................الخ
° تحمل المسؤوليات وإقامة الواجبات و بث روح التنافس الايجابي في الحياة العامة.......................................الخ
° اكتساب العلم النافع والعمل به و تمسكنا بالقيم و المسلكيات الحميدة لنكون قدوة للآخرين...........................الخ
° إشاعة ثقافة النصيحة بيننا عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...........................................الخ
° التواصل الدائم فيما بيننا عن طريق صلة الرحم و المودة لغرس أواصر المحبة والألفة......................الخ
° الابتعاد عن أمراض القلوب من حقد وحسد، غيبة ونميمة، سوء ظن وتكبر.......................................الخ
° التخلي عن كل من العنصرية و الفئوية ، القبلية و الجهوية ،الأنانية و المحسوبية، النفاق و الانتهازية ............الخ
ومن هنا تكون الخلاصة هي أ ن الحوار ضرورة و سنة حميدة كما جاء في شريعتنا الإسلامية و أمرهم شوري بينهم و لكونه هو الحل الأمثل والوحيد لمشاكلنا باعتباره الضامن الوحيد للتوافق و الألفة بيننا أفرادا و جماعات، موالاة و معارضة، نخبة و قاعدة. و لذلك أدعوا هؤلاء جميعا إلي تغليب الضمير وتحكيم منطق العقل والحكمة و تجاوز الخلافات الضيقة و العصبية المتطرفة للخروج بالبلاد إلي بر الأمان و تحقيق المصالح العامة و التي تصب بالتأكيد في مصالحنا الشخصية عن طريق الوصول إلي تلك السعادة والسلام من خلال توفر الأمن و الاستقرار و كذلك التنمية و الإصلاح، التقدم و الازدهار .
وفي الأخير أرجوا من الله العلي القدير أن يزرع في قلوبنا جميعا الإيمان و التراحم و التوافق و يوفقنا لما فيه الخير و يحفظ بلادنا من كل شر ومكروه وينعم عليها بنعم الأمن و الاستقرار و الإصلاح والنماء انه علي ذلك لقدير آمين .
إخوتي كانت تلكم هي رسالتي و مشاركتي المتواضعة في هذا الحراك الدائر حول الحوار المتعلق بقضايا و مصلحة الوطن والتي أتمني أن تتأملون فيها بحسن نية و جدية للوصول إلي الهدف من و راءها ألا وهو مصلحة الجميع في التواصي بالحق الذي هو واجب شرعي و أساس للعدل و الاستقرار. والسلام عليكم ورحمة الله تعالي و بركاته
أستاذ و باحث اجتماعي د/ محمد محمود ولد أعلي