مهرجان نواكشوط للفلم القصير .. التنوع الثقافي و السينمائي
تشهد العاصمة انواكشوط يوم غد انطلاق النسخة العاشرة من مهرجان انواكشوط لفلم القصير,أول مهرجان يهتم بالسينما و يحصد أكبر جمهور في موريتانيا,و يعتبر هذا المهرجان من أهم المهرجانات الشبابية,و البوابة نحو العالم و الأول من نوعه بموريتانيا,كما يمتاز عن غيره بطابعه الشباب و انتاجه الفني و السينمائي ويعطي القائمين على هذا المهرجان صورة حية عن الواقع الذي نعيشه يوميا و كيف نرقى.
و تعتبر السينما الوجه الثاني الذي يعكس واقع البلد من الناحية الاجتماعية و الثقافية و السياسية, و إعطاء لمحة عن الظروف و المشاكل المطروحة أمام الشباب و حالة الفوضى التي تعم البلاد أمور أخرى لا يريد الرأي العام الخوض فيها و لا معالجتها احتراما لرغبة الدولة و جرائم الاغتصاب التي تعترض طريق نساء موريتانيا في مواصلة مشوار ألف ميل , حيث تقوم السينما بمعالجة الموضوع و وضع حل له في خاتمة الفيلم و المسلسل و هذا ما نشاهده بالفعل في مهرجان نواكشوط للفلم القصير الذي يفصلنا يوم واحد عن انطلاقته في نسخته العاشرة.
لكل بلد روايات و قصص كما لكل بلد معاناة و مشاكل و تختلف تلك المشاكل من بلد إلى آخر, حاول الكثير أن يجسد الواقع المعاش و الظروف و حالة التهميش و الهروب و التسرب و الانحراف و التعري و أن يعطى لحمة عن الوجوه الشريرة التي تسعى إلى تخريب البلد, لكن قلة الوعي لضرورة السينما و تدريسها حال دون ذالك, أفكار ذهبية لم تجد من يقويها , خطوات شجاعة لشباب في مقتبل العمر يرسمون بلدهم بأيادي سحرية, يرسمون لوحة فنية تشد أنظار القادمين عن بلد عاش حقبة من زمن في الجهل و الفقر و المعاناة.
عشرة سنوات من العمل السينمائي في بلد لم يشهد الثورة السينمائية بعد , و لم يقدر لشعبه مشاهدة أفلام محلية من إخراج أبنائه , مواطنون مهموسون بمتابعة السينما الغربية و أبطالها لا يظنون أن في هذه البلاد من يستطيع أن يرفع الستار عن حلم مستعار يتمثل في قيام السينما الموريتانية من إنتاج جيل الغد تفاجئ العالم بأسره.
تسعى دار السينمائيين الموريتانيين إلى التطوير من الإنتاج الشبابي و توفير معدات من كاميرات و مصورون و منتجون لمن يريد أن يجرب الإخراج لعل الحظ يحالفه , كما تقوم بتحفيز الشباب و منافستهم و ذلك من خلال إعطاء جائزة المهرجان لأحسن فيلم حاز على تصويت الجمهور و لجنة التحكيم ليقود ذالك الشباب إلى الوعي إلى ضرورة السينما و خاصة في بلد وهبه الله هذه المواهب.
و يعتبر مهرجان نواكشوط للفلم القصير فرصة نادرة لدخول عالم الفن السابع من أوسع أبوابه كأول مهرجان محلي لسينما يقام في موريتانيا,من إنتاج و أفكار شباب موريتاني تعلم الفن السابع و أتقنه فقاموا بتجربة إدخال السينما إلى العاصمة نواكشوط و اختارها عنوانا للمهرجان ليعلم العالم أن في هذه صحراء كنوز لم يكتشفها إنسان بعد,و يشهد مهرجان حضور كثيف لمختلف الشرائح و شخصيات هامة و معتبرة دوليا من الدول العربية و الإفريقية و الأجنبية المشاركة في المهرجان, ويشكل مهرجان نواكشوط للفلم القصير تجربة سينمائية فريدة في بلد لا يزال الفن السابع فيه شبه مجهول.
دار السينمائيين لم تصنع أفلاما فقط بل صنعت مخرجون من كلا الطرفين و قامت بتطويرهم ليمثلوا موريتانيا أحسن تمثيل و ليصنعوا المستقبل و ليساعدوا من لم يحالفهم الحظ في التطوير و الإخراج و الكتابة و التصوير و المونتاج , هم أيضا أنتجوا أفلاما تدل على تطويرهم حيث أصبحن ذات قدرة على الإخراج و الكتابة بدون عوائق ليصبح باستطاعة هواة الفن السابع مواصلة أحلامهم و الأمل في تحقيقها رغم التجاهل و التفريط.
يوم و بضع ساعات يفصلنا عن انطلاق النسخة العاشرة من مهرجان نواكشوط للفلم القصير المقرر إجرائها كالعادة 23 أكتوبر الجاري, ماذا تخبئ لنا النسخة العاشرة و جوه جديدة و أفكار ذهبية تتنافس على الفيلم الأفضل لهذه النسخة, آلاف الأفلام و الورشات قدمت على شاشة صغيرة لعشرة سنوات في فضاء رحب و أجواء ملائمة للمنافسة و أمام جمهور من هواة الفن السابع و مخرجين و أساتذة من مختلف الدول.
و يقودنا الحديث إلى أن نتساءل هل حقق المهرجان نواكشوط للفلم القصير أحلام الشباب ؟ و أين هي الأفلام التي تم إنتاجها على مر 10 سنوات ؟ لماذا لم يتم عرضها ؟ و هل حققت دار السينمائيين ما تم إنشاء مهرجان نواكشوط للفلم القصير لأجله ؟ و لماذا إلى حدي الآن لا يوجد معهد لتدريس السينما و كذالك الإخراج و الكتابة ؟ هل تبقى أحلام الشباب الموريتاني في صنع الأفلام معلقة بمهرجان الفلم القصير و أين الدولة من ذلك ؟ و من المسؤول عن غياب دور السينما و الدراما بشكل عام ؟ و هل يتخلى الموريتانيين عن رفضهم لسينما و هل ستذهب كل هذه الجهود و كل هذا الطموح مهب الرياح و هل يقتنع الموريتانيين بضرورة وجود السينما أم ستبقى كل هذه الأفكار و الجهود أرشيفا لدار السينمائيين.
تحية تقدير لدار السينمائيين على الدور الكبير الذي حققته لأجل الشباب خارج عن نقاط الدولة و شؤونها تعظيما لدور الكبير الذي يلعبه الشباب و محاربة لتفريط الذي يتعرض له الشاب الموريتاني في الفترة الراهنة و إيمانا منها بأن هناك من باستطاعتهم أن يرفعوا عالم موريتانيا فوق كل البلدان العالم رغم أنف الحاسدين , جهود كبيرة قام بها المشرفون على المهرجان لتقديم خدمة تليق بهواة الفن السابع حيث فتحت دار السينمائيين ورشات لتكوين على العمل الفني بإمكان أيا كان المشاركة فيها كما سيحصل المشاركين على شهادات باستطاعتهم استخدامها لضرورة كدليل على مشاركتهم.
هل سيحالف الحظ وزارة الثقافة و يدركون أن ما قامت به دار السينمائيين من عمل يوحي إلى أهمية السينما في بلد مثل موريتانيا له تاريخ عريق و حضارة عظيمة يجب على الأجيال إدراكها لتبقى شجاعة الأجداد و تقاليد المجتمع قائمة رغم الغزو إحياء السينما هو إحياء التاريخ و قتل السينما و هو إحراق لتاريخ و لتراث و لتقاليد.
أحلام شباب أثرت عليه البطالة , أحلام شباب لم يحظى بالدراسة الكافية, أفكار شباب عشقٌ الدراما و السينما الغربية إلى ما لا نهاية و تعلقوا بها,نشاهدُها عن غرب في مدينة "نواكشوط" لعلها ترسم لوحة عن أصحابها من المجهولون الذين حالت الظروف دون أن يشاركوا في المهرجان.
و هل ستبقى أحلام الشباب معلقة بمهرجان نواكشوط للفلم القصير و هل على دار السينمائيين تحمل أخطاء هواة الفن السابع الذين لم يتعلموا السينما إنما شاهدوا أفلاما و ظنها سهلة صنع.
يجب على دار السينمائيين عرض أفلام ورشات الأعوام الماضية لتثبت لرأي العام أن هناك من هم بحاجة إلى استمرار هذا المهرجان و إلى مواصلته سنويا و أعطاء فرص أكثر لشباب ليشهد البلد نهضة و ليلتحق بغيره من البلدان العربية التي حازت على جوائز عالمية في صناعة الأفلام.
تحية تقدير للقائمين على المهرجان من نساء و رجال ... تحية لكل من تحمل أخطاء عشاق الفن السابع و سذاجتهم و شكر موصول لدار السينمائيين على الجهود الكبيرة التي قدمُوها بدون مقابل لصالح البلد والشباب بصفة خاصة.
الكاتب : حمودي / حمادي " كاتب موريتاني "