السيناريوهات المحتملة لحل حزب تواصل، وتداعيات القرار(تحليل)
يعتبر حل الأحزاب السياسية، وحظر أنشطتها أقصى درجات القمع السياسي، والتضييق على الحريات، وهو أمر بالغ الخطورة في البلدان الديمقراطية، ومع ذلك فإن تجارب الدول – حديثا، وقديما- لا تخلو من حل بعض الأحزاب، ومنع أنشطتها، لأسباب مختلفة، ومع وجود مؤشرات قوية على عزم النظام في موريتانيا حل حزب تواصل، ذي المرجعية الإسلامية، تدور الأسئلة ملحة عن تداعيات هذا القرار، والخيارات المتاحة للحزب للتعامل معه، وتأثيره على النظام الموريتاني.
تداعيات القرار..
بعد عقود من النضال، ومحاولات الترخيص، نجح حزب تواصل في الحصول على الاعتراف الرسمي، وبدأ يزاول أنشطته كحزب سياسي، لكن المبررات التي قدمها نظام ولد الطايع، لمنع ترخيصه لا تزال صالحة لتقديمها من جديد، لتبرير حله، وفي حالة أقدم نظام ولد عبد العزيز على حل حزب تواصل، يطرح المراقبون عدة احتمالات قد يلجأ لها الحزب من أبرزها:
الاحتمال الأول: أن يلجأ أنصار الحزب إلى التعبئة، والحشد الشعبي لمواجهة قرار الحظر، وستتضامن معهم بقية أطياف المعارضة، وربما يكون ذلك بداية للثورة التي طال انتظارها في موريتانيا، كما سيعمل الحزب على تجيـيش الخارج ضد نظام ولد عبد العزيز، ويقدمه كدكتاتوري، في محاولة لتأليب العالم ضد النظام، لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، وغير مضمون النتائج، ففي الداخل سيعتبر النظام أي نشاط ينظمه تواصل بعد حله مخالفا للقانون، وبالتالي سيتم قمعه، وربما اعتقال قادة الحزب، والزج بهم في السجون، وتقديمهم للقضاء، وبالنسبة للمراهنة على الموقف الخارجي، فتبدو رهانا خاسرا، ذلك لأن الخارج غالبا يبحث عن مصالحه، وهو مع النظام حتى يسقط، وأقرب مثال على ذلك مصر، فقد قاد السيسي انقلابا دمويا، ضد رئيس منتخب، كان العالم يعترف به، وقام السيسي بقتل الآلاف من شعبه، ومارس أبشع أشكال الدكتاتورية، ومع ذلك لا زالت الدول الغربية تنشر البساط الأحمر للسيسي، وتستقبله استقبال الأبطال، مع الفارق الكبير بين الأهمية الاستراتيجية لمصر، وموريتانيا في الخارطة الدولية، لذلك من غي المتوقع أن ينتقد الغرب من النظام الموريتاني في حالة أقدم على حل حزب تواصل.
الاحتمال الثاني: أن يلجأ حزب تواصل للعمل السري، ومعلوم أن أنصار الحزب، وقادته – كغيرهم من الحركات الإسلامية - لديهم باع طويل في العمل السري، وتجربة راسخة في مقارعة الأنظمة من وراء حجاب، وفي هذه الحالة قد يتسبب تواصل ببعض الإزعاج للنظام، وقد ينجح في خلق بلبلة هنا، أوهناك، لكنه لن ينجح في تغيير المعادلة على الأرض.
الاحتمال الثالث: أن يقرر حزب تواصل التعامل مع قرار حظره بطرق قانونية، ويلجأ للقضاء للطعن في القرار، ويتبع المسار القضائي، رغم ما سيجره هذا الخيار من انتقاد للحزب من قاعدته الشعبية، التي لم تعد تثق في القضاء الموريتاني، كما أن اللجوء للقضاء ضد قرار الحل يعتبر اعترافا بالأمر الواقع، وشرعنة له.
أما بالنسبة للنظام الموريتاني فسيحق بحل حزب تواصل مكاسب عينية واضحة، أو " أرباحا صافية" بلغة الاقتصاد، أولها إسكات منبر تواصل المزعج داخل البرلمان المقبل، المتوقع أن يتم انتخابه بعد حل البرلمان الحالي، فلن يكون تواصل ممثلا فيه بعد قرار حله.
كما سيتيح القرار للنظام منع الأنشطة المعارضة له، والتي كانت تتخذ من تواصل مظلة لها، ومع ذلك فإن قرار حل حزب تواصل لن يكون " نزهة " فهناك ثمن باهض سيتعين على النظام دفعه لتبرير القرار، واحتواء تداعياته.
سعدبوه ولد الشيخ محمد.