ردا على تقوّل " هيبتنا "/ أحمد ولد الدوه
بين الحين والآخر تصادف على غير موعد مسبق ودون مقدمات أمورا تعيدك إلى الماضي البعيد وكأن القدر بذلك يتيح لك الفرصة لإعادة قراءة المشهد الحالي لتتضح أمامك صورة الغد ..
في الماضي كنا شهودا على فترة عرفنا خلالها رجالا كانوا أبطال مآسي وويلات شعب نهبت خيراته ودنست أرضه وسجن وعذب أحراره ..
وفي الحاضر لا زال بعض من صانعي ذلك الألم الذي ذهب مع نظامه ــ غير مأسوف عليه ــ يصرون على إرغام ذاكرتنا على الانتقام منهم من خلال محاولاتهم الظهور في شكل واعظين غيورين على البلاد والعباد وهم من سامونا سوء العذاب خلال عقود طويلة ومريرة ..
ولنؤجل الحديث عن المستقبل لإتاحة الفرصة لقراءة ما جاء في مقال أحد أبطال الأمس وعاظ اليوم ومنظري الغد ..
أجد مفارقة عجيبة في أنه لم يستوقفني التساؤل هل الحوار هو الحل السحري ؟ بقدر ما أجبرتني الذاكرة على التوقف الإجباري عند اسم صاحب التساؤل لتعيدني إلى الماضي السحيق الذي كان صاحب السعادة أحد رجالاته الذين ارتبط ذكر أسمائهم بكل تجاوزات نظام القمع والتطبيع والفساد ونهب خيرات البلاد إبان حكم ولد الطايع ..
فبقراءة اسم صاحب المقال تذكرت معاناة الطلاب الموريتانيين بجمهورية مصر العربية خلال فترة توليه منصب سفير بلدنا في القاهرة وما صاحبها من تأخر للمنح دام سنة دراسية كاملة اختتمها بالتنكيل بالطلاب جراء مطالبتهم بدفع منحهم بعد وعود عرقوبية كان يوزعها عليهم فرادى وجماعات ؛ ومن المشاهد التي لا أنسى أنه أطلق العنان للشرطة المصرية لجرجرة طلاب بلده في الشوارع بحجة حصاره داخل المكتب ومنعه من تناول الدواء وهو المتكئ على أريكته في بيته بعيدا عن السفارة التي تقوّل بوجوده داخلها ..
وبنقش حروف اسمه تهاطلت علي أسئلة عديدة عن مليارات مشروع تثمين الترات وعن الإنجازات التي خلفها صاحب المقال للتاريخ وفي التاريخ عبر ومواعظ ..
وحتى لا تأخذ منا حروف اسم صاحب المقال الكثير من الوقت وننسى أننا في عصر السرعة دعونا نتوقف عند أبرز المحطات التي تعرض لها صاحب السعادة ..
ــ تحدث هيبتنا عن حملة واسعة النطاق قام بها من أسماه "الإعلام الرسمي ...." ونسي صاحب المقال أن كلامه كان سيكون أكثر إقناعا لو كان قاله خلال رئاسته للسلطة الوصية على الإعلام " السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية " ؛لكن للراتب الكبير أحكامه وشروطه ..
ــ أسهب دبلوماسي نظام التطبيع في الحديث عن الحوار وكأنه أدرك أهميته ودوره متأخرا؛ فما عرفه طلاب مصر محاورا بل وصفوه بالقمعي والمزاجي وهو من كان يفترض فيه الساهر الحريص على مصالح مجموعة من أبناء بلده المغتربين لكنه فضل استدعاء الشرطة للتنكيل بهم فأين الحوار !! أم أن القمع هو الحل السحري في نظرك!؟ ..
ــ تقوّل منسق مشروع تثمين التراث بوجود أزمة على كل الأصعدة وهي فرية تدحضها الوقائع والمشاريع والورشات التي عمت أرجاء الوطن خلال السنوات السبع الأخيرة بمعدل فاق ما تم إنجازه خلال نصف قرن من عمر الدولة الموريتانية فهل بإمكان منكر القول بما ادعاه فارس دبلوماسية ولد الطايع ؟ أم أن الغاية تبررالوسيلة على رأي مؤلف كتاب الأمير " ميكافيلي" .
ــ قاد الاسترسال هيبتنا للحديث عن سيناريو رعب إمكانية مواجهة الحساب يوما ما ، وهو حديث يفصح عن شجاعة نادرة يتمتع بها صاحب المقال فلو كان فكر قبل تسطير هذه الجملة وما يمكن أن تجر عليه من وبال في حال تطبيقها عليه وأمثاله ممن عاثوا في الأرض فسادا طيلة عقدين من الزمن لما تلفظ بها لكن إذا لم تستح فقل ما شئت !..
ـ حديثه عن صخرة سيزيف "العزيزية" وعنوانُها الحوار...، هو كلام غير مبني على أسس وهو أقرب إلى حكايات ما قبل النوم ..
أخيرا أود أن أهمس في أذن جلاد الطلاب المغتربين أن الشعب الموريتاني قد اتخذ قراره أمام العالم أجمع وبشهادته باختياره للرئيس المؤسس في الانتخابات التي أعقبت اتفاق دكار وأكد له ذلك في صيف 2014 لأنه بكل بساطة كان عند حسن ظن المواطن البسيط ، وعلى المتباكين على عهد القمع والتطبيع والفساد أن يلزموا جحورهم وإلا فإن الذاكرة الجمعوية لهم بالمرصاد .
أحمد ولد الدوه