هل عـز ولد عبد العزيز المعارضة في خطابه، فحرفته ثم طالبت بالاعتذار ؟
هل كان خطاب الرئيس ولد عبد العزيز الأخير في النعمه و المثير للجدل مستوفيا لشروط الخطاب السياسي؟ ولماذا استحق كل هذه الضجة و الردود المستهجنة أحيانا، و المستحسنة أحيانا أخرى؟ و هل حقا غلب ولد العزيز المعارضة في خطابه حتى اضطرت إلى تأويله؟
يوصف الخطاب السياسي بأنه خطاب يقوم على عملية الإقناع للجهة الموجه لها، بالإضافة إلى تلقي القبول والاقتناع بمصداقيته، من خلال العديد من الوسائل والطرق المدعمة بالحجج والبراهين، ويجب أن يوظف الخطاب السياسي الوسائل اللغوية والمنطقية الصحيحة، وجمل تعبيرية تتناسب مع طريقة التواصل مع الأفراد.
ولد عبد العزيز قال فلم يبطئ و أصاب ولم يخطئ :
جاءت أفكار خطاب الرئيس ولد عبد العزيز في النعمه متناسقة رغم أنه كان يرتجل أحيانا كثيرة ومع ذلك قدم أدلة و إثباتات في ما ذهب إليه خاصة عندما تحدث بلغة الأرقام عن الحالة الاقتصادية المطمئنة - على حد زعمه- ، لكن الرئيس أصاب المعارضة في الصميم عندما عزها بخطابه الخاص بإلغاء مجلس الشيوخ و تقديم البديل، و هو ما شكل مفاجئة كبيرة لها، لأن المعارضة غالبا ما تنتقد الأوضاع دون تقديم رؤية واضحة وبدائل متاحة.
و كان الرئيس عمليا عندما أعطى أجلا محددا لانطلاق الحوار،محددا محاوره الكبرى، و جاء ذلك في صيغة الأمر و هذه خاصية مميزة لقوة الخطاب السياسي، و دليلا على وضوح الرؤية فيما يرمي إليه من وراء هذا الحوار.
و مع أن الخطابة موهبة عظيمة، و هناك لا شك في المعارضة من المفوهين من هو أبلغ خطابة من الرئيس، و أقدر على توليد الأفكار، إلا أن خطاب النعمه كان مستوفيا لشروط الخطاب السياسي حسب اعتقادي.
و قد فتشت من بين الكثيرين عن زلات الرئيس المزعومة و إساءاته المتخيلة فلم أجد فيما قال في المحور الاجتماعي إلا نقدا صريحا و تشخيصا موضوعيا لظاهرة متفشية في المجتمع الموريتاني بجميع أطيافه، و هي متجذرة فيه، و قد سبق لموريتانيا أن أقرت مدونة للسياسات السكانية منذ سنة 1994، و تم دمج كثير من محاورها التي تشجع تنظيم الأسرة، و ضبط النسل في المنهاج الدراسي الوطني، و الحديث عنهما لا يعد منكرا، و لا زورا من القول.
من حق المعارضة أن تنتقد الرئيس و تسفه كلامه، ولكن ليس من حقها أن تطلب من الرئيس أن يعتذر عن تخيلات، و تأويلات ملفقة بأدلة مغلوطة، و مفتعلة إلى حد كبير.
عال ولد يعقوب