هكذا تخلص وزير التهذيب من والي تكانت، بمساعدة وزير الداخلية (ينشر لأول مرة)
لا تزال قضية الإقالة المفاجئة لوالي تكانت السابق سيدي مولود ولد ابراهيم تثير الجدل، وتطرح علامات استفهام حول أسبابها، ولئن كان البعض أرجع الإقالة لتقاعد ولد ابراهيم، وهي فرضية غير صحيحة لأن الرجل مازالت تفصله سبع سنوات عن التقاعد، إلا أن مصادر محلية متطابقة بولاية تكانت تؤكد أن الوالي راح ضحية "مؤامرة" حاكها وزير التهذيب الوطني المنحدر من ولاية تكانت، وساعده فيها زميله وزير الداخلية أحمدو ولد عبد الله.
وزير التهذيب الوطني وجد في زيارة وزير الداخلية للولاية مبعوثا من رئيس الجمهورية لتعزية، ومواساة أسرة فقدت تسعة من أفراها في عاصفة هدمت منزلهم، وجد في هذه الزيارة فرصة سانحة لإحراج الوالي "المشاكس"، أو حتى إقالته، حيث أعد وزير التهذيب مأدبة غداء لوزير الداخلية، لكن الوالي أبلغ وزير الداخلية أن إقامته بمنزل زميله وزير التهذيب ستــُفسر على أنها انحياز من الدولة لصالح طرف سياسي بعينه، علما أن المنطقة تشهد استقطابا سياسيا، وصراعا أزليا، بين جناح وزير التهذيب من جهة، وجناح عمدة القدية ولد عبد الجليل من جهة أخرى، خاصة وأن وزير الداخلية في مهمة رسمية، ويفترض أن تكون إقامته عند ممثل السلطات في المركز الإداري، وينأى بنفسه عن التخندق إلى جانب طرف سياسي على حساب آخر بصفته الرسمية.
ورغم وجاهة هذا الطرح الذي قدمه الوالي، نظرا لكونه أدرى بشعاب المنطقة، وهو المسؤول الأول في النهاية عن أي إخلال بهيبة الدولة، أو حيادها، إلا أن وزيره أسرها في نفسه ولم يبدها لهم، وأصر على الذهاب لمنزل وزير التهذيب الذي كان في انتظاره، حيث كان في إجازة قصيرة، وبعد دخول الوفد (وزير الداخلية، والوالي، والحاكم، وبقية السلطات الأمنية، والإدارية) منزل وزير التهذيب في القدية، استأذن الوالي وزيره، قائلا إنهم سينسحبون إلى رئيس المركز الإداري، الذي كان قد أعد مأدبة غداء فاخرة على شرف وزير الداخلية الذي رفض الذهاب إليه، وانسحب الوالي، والحاكم، وسلطات الولاية إلى رئيس المركز الإداري، ليبقى وزير الداخلية رفقة زميله وزير التهذيب الوطني، وربما وجدا متسعا من الوقت للبحث في سلوك الوالي صاحب الشخصية القوية، ولا تستبعد مصادرنا أن يكون وزير الداخلية تعهد لمضيفه وزير التهذيب بالتخلص من الوالي "المزعج"، وهو ما تم في أول اجتماع لمجلس الوزراء.
مصادر متطابقة تؤكد أن وزير التهذيب الوطني على خلاف محتدم مع والي تكانت المقال ولد ابراهيم، سببه رفض الوالي تسخير الإدارة المحلية في الولاية لصالح الجناح السياسي لوزير التهذيب، حيث امتعض الوالي من الاتصالات المتكررة من وزير التهذيب يطلب اتخاذ قرارات في الولاية تدعم جناحه السياسي، وهو ما كان الوالي يرفضه بقوة، ويؤكد أنه يمثل رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس للجميع، وينادي بمنع استغلال وسائل الدولة لجهة بعينها.
نشير إلى أن وزير التهذيب الوطني هو مستشار بلدي، فشل سابقا في الحصول على منصب عمدة بلدية ريفية (القدية) وينتمي لمجموعة سياسية وازنة، ومحترمة، وأصيلة في المنطقة، لكن امتعاضها زاد من الوزير بعد تعيينه وزيرا للتهذيب الوطني، لأسباب لا يتسع المقام لذكرها، أما الوالي المقال سيدي مولود ولد ابراهيم فهو من أقدم إداريي وزارة الداخلية، وعمل في العديد من المناصب، بينها والي عدة ولايات، ضمنها انواكشوط، ومفوضا مساعدا للأمن الغذائي، وأمينا عاما لوكالة التضامن، وهو من أبرز أطر مقاطعة كيفه.
ملاحظة: الصورة المرفقة تجمع رئيس الجمهورية، ووزير التهذيب، والوالي المقال خلال زيارة الرئيس الأخيرة لتكانت (أرشيف الوسط).
