النقل العمومي.. استهتار بحياة المسافر، واستنزاف لجيبه ح2
يعتبر توفير خدمة نقل عمومي مناسب من أهم الخدمات العمومية التي تحرص كل الدول على توفيرها لمواطنيها، بل إن النقل العمومي قد يكون في بعض الحالات أهم من الكهرباء، وغيرها، لكن في موريتانيا يعيش قطاع النقل العمومي ليبرالية متوحشة، جعلته مفتوحا أمام كل من يمتلك سيارة متهالكة، أو حافلة لا تصلح لنقل الدواجن، معرضا بذلك حياة المواطنين، وممتلكاتهم للخطر.
ضمن سلسلة تقاريرنا عن النقل العمومي في البلد، نتطرق إلى الظروف التي يتم خلالها نقل المسافرين بين المدن، حيث ينعدم وجود محطات نقل ملائمة، ويتكدس المسافرون، ومودعوهم، ومستقبلوهم على قارعة الطريق، تحت حر الشمس، وتتناثر حقائب، وأغراض المسافرين هنا وهناك، أما المراحيض، والمـُصلى، وقاعات المغادرة، والوصول فتبدو ترفا لا يحلم المسافرون به، ومن اضطرته الحاجة لزيارة الحمام – أكرمكم الله- فعليه أن يواجه المشكل بمفرده، أما شركات النقل التي استجلبته إلى المكان فيهمها فقط ثمن تذكرته، وقد أخذته، أما السلطات فلا تبدو مكترثة بالواقع المأساوي للمسافرين.
وإذا تجاوزنا مرحلة الانطلاقة، نجد أن شركات النقل تقوم بنقل الحيوانات – خاصة الأغنام- جنبا إلى جنب مع البشر في نفس الحافلات، في تحد واضح للقانون، وتشكل السرعة المفرطة، والتهور من قبل السائقين هاجسا يؤرق المسافرين، وسببا رئيسا في قتل العديد منهم بدم بارد، لأن الشركة تلح على السائق أن يصل إلى الوجهة المحددة في توقيت محدد مسبقا، بغض النظر عن وضع الطريق، وحالة الحافلة، وظروف السائق من إرهاق، ومرض، وغير ذلك، فعامل الوقت مهم لشركات النقل التي تتنافس في تسيير أكبر عدد من الرحلات خلال الأسبوع على حساب سلامة المسافرين.
ومن يشاهد واقع النقل العمومي يلاحظ بوضوح أن الأهداف التي جعلتها سلطة تنظيم النقل مبررا لوجودها هي أبعد ما تكون من التحقق، وتقول سلطة تنظيم النقل الطرقي: "إن الهدف من إنشاء السلطة هو خلق شراكة حقيقية مع الناقلين تجعل منهم شركاء في حمل الهم وتراعي مصالحهم من خلال خلق آليات جديدة للنقل توفر في الوقت ذاته الانسيابية والراحة للمستخدمين، وتخلق جوا للتنافس الإيجابي وسعيا إلي ذلك تم فتح مندوبيات جهوية ومحطات مقاطعية".
يتواصل..