المستشارون الإعلاميون.. بطالة مـُقنعة، أم فشل في أداء المهمة ؟!
رغم أهمية الدور الذي بات يلعبه الإعلام في تأطير الشعوب، وصناعة الرأي العام، وتوجيهه، والتحكم فيه، فضلا عن شرح سياسات الحكومات، وإقناع الشعوب بجدوائيتها، رغم كل ذلك، إلا أن المسؤولين عن التواصل مع الجمهور – عبر وسائل الإعلام- في الوزارات الحكومية لا وجود لهم على أرض الواقع، فكل وزارة بها مستشار للوزير، مكلف بالإعلام والاتصال، لكن لا يبدو جديرا بهذا التكليف، بل إن الصحفيين عندما يطرقون باب المستشارين الإعلاميين، بحثا عن تصريح، أو سعيا لتصحيح معلومة، يصم المستشارون آذانهم، ويمتنعون عن التصريح، وهو ما جعل البعض يرى أن وظائف المستشارين الإعلاميين للوزراء هي في الواقع بطالة مقنعة، وهدر للمال العام دون أي مردودية تذكر.
وقد أدى ضعف أداء مسؤولي الإعلام في الوزارات إلى جعل القطاعات الحكومية في واد، والجمهور في واد آخر، فمثلا خلال الأسبوع الماضي نظمت وزارة الاقتصاد والمالية "يوما إعلاميا مفتوحا"، وكان من المفترض أن يحضره ممثلو وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، لكنه لم يكن يوما إعلاميا، ولم يكن مفتوحا، بل إن الغالبية لم تعلم به إلا من خلال الإعلام الرسمي فقط، أو موقعين اثنين، مقربين من وزير الاقتصاد والمالية بشكل شخصي، ولم يحضرا بدعوة، ولا بتنسيق من المسؤول الإعلامي في الوزارة، وهنا لا نركز على وزارة الاقتصاد والمالية إلا من باب المثال فحسب، وإلا فالظاهرة تعم جميع القطاعات بدون استثناء.
وخلال نشاط نظمته الحكومة للمسؤولين عن الإعلام، وحضره السفير الأمريكي في انواكشوط، طالب هذا الأخير من النظام الانفتاح أكثر على الشعب من خلال تقديم معلومات شاملة، وموثوقة للشعب عبر وسائل الإعلام عن سياسات الحكومة في مختلف المجالات، ورغم أن السفير الأمريكي في نواكشوط شخص سيء الصيت إجمالا، إلا أنه صدق في هذه، - وهو كذوب-، فالساحة الموريتانية متروكة للشائعات، والمغالطات، وسياسة تجاهل التعاطي مع الإعلام هي السمة الأبرز، والحالة الوحيدة التي تشعر فيها أن هناك مستشارا لوزير ما، مكلفا بالإعلام هي عندما تنشر عنصرا ينتقد أداء ذلك الوزير، أو يتحدث عن خطأ في قطاعه، حينها يخرج السيد المستشار الإعلامي من جحره، ليتودد، ويدافع بشراسة عن وزيره، وكأنه معين لتلميع صورة الوزير، وليس معينا للحديث إلى الصحافة عن أداء وزارته، فباستثناء المستشار الإعلامي للوزير الناطق باسم الحكومة، بحكم تنسيقه، وإشرافه على المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة، فإن معظم الصحفيين لا يعرفون حتى وجوه المستشارين الإعلاميين الآخرين في الوزارات.