عـاجل.. إلى رئيس الجمهورية، وصفة خاصة للتعامل مع غضب الشارع
تجتاح موريتانيا منذ يومين موجة غضب عارم، عمت معظم مناطق البلد، جراء ما يراه الشعب استهانة بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وحكم محكمة الاستئناف في انواذيبو المخفف بحق الكاتب المسيء ولد امخيطير، ولئن كانت السلطات الأمنية قد أخذت الغضب الشعبي على محمل الجد، واستعدت لمواجهته بمسيلات الدموع، والانتشار الأمني المكثف، إلا أن المراقبين يرون أن الهبة الشعبية لا تردعها قنابل الصوت، ولا تخيفها مسيلات الدموع، ولا الاعتقالات، بل قد لا يثنيها حتى الرصاص الحي، فالغضب عندما يكون جديا، ونابع من القلب، لا تنفع معه الحلول الأمنية.
وبناء عليه، من الواجب على النظام أن يعيد حساباته، وألا يراهن على الحل الأمني المحض لإسكات غضب الشارع، بل على النظام أن يتبع استيراتيجية دعائية، وإعلامية واضحة المعالم، تخاطب عقول الناس، وتلامس مشاعرهم، وتحترم عواطفهم الجياشة دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الاعتماد على القمع الأمني سيزيد الطين بلة، ويزيد الناس غضبا على غضب.
دور الرئيس..
بما أن قضية المسيء لنفسه ولد امخيطير باتت قضية رأي عام، على رئيس الجمهورية أن يخاطب الشعب بشأنها، ليقول كلاما واضحا، لا لبس فيه، درء للشائعات، ورفعا للبس، ونفيا للغموض حول الموقف الرسمي من هذه القضية الحساسة، فصمت الرئيس "مريب" وغريب، وغير مفهوم، فمعلوم أنه بعد ساعات قليلة من تصويت مجلس الشيوخ المنحل ضد التعديلات الدستورية، قرر الرئيس الخروج في مؤتمر صحفي للحديث للشعب، ومعلوم أن إسقاط عقوبة الإعدام عن المسيء ولد امخيطير أهم بكثير عند الشعب الموريتاني من إسقاط التعديلات الدستورية.
دور الأغلبية..
إن الصمت المطبق الذي يسود أوساط الأغلبية الداعمة للنظام هو الآخر صمت سلبي، منح الفرصة للمعارضة لتظهر أمام الشعب وكأنها هي من يعتني بالمقدسات، وتسابقت أحزاب المعارضة في إصدار بيانات صحفية، بل وشارك بعض قادتها في مظاهرات ما سمي جمعة الغضب، بينما لم نسمع من الحزب الحاكم، ولا أحزاب الأغلبية أي موقف، والمفارقة أن معظم أنصار الرئيس ولد عبد العزيز يكتبون على فيسبوك ضد هذا الحكم، ويرفضون الإفراج عن ولد امخيطير، لكن هذا الموقف لم يخرج في شكل موقف رسمي من جهة من جهات الأغلبية.
دور العلماء...
صحيح أن دور العلماء مهم في هذا الموقف، لكن دورهم يكون سلبيا، ويساهم في تأجيج الشارع عندما يقتصر على الدفاع عن حكم محكمة انواذيبو، وتأييد وجهة النظر الرسمية على طول الخط، فذلك يظهرهم كعلماء سلطان في نظر الشعب، ويفقدون بذلك قدسيتهم، وتأثيرهم لدى عامة الناس، بل على العلماء أن يدخلوا في نقاشات معمقة حول الموضوع، ويحاولوا أن يبينوا للشعب الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه القضية الشائكة، دون الانسياق التلقائي خلف وجهة النظر الرسمية.
دور الإعلام..
على النظام أن يوجه كوادره الإعلامية، وماكنته الصحفية نحو تهدئة الشارع، ومنع بث، ونشر أخبار تزيد التصعيد، وتلهب المشاعر، والتركيز على حرمة المساس بالممتلكات العامة، والشخصية، وتنافي ذلك مع مفهوم النصرة، وعلى الإعلام كذلك أن يفضح الانتهازيين من السياسيين، الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر، وتحقيق مكاسب سياسية من بوابة النصرة، بعد أن عجزوا عن ذلك بالطرق المشروعة، كما على النظام أن يوجه أنصاره في الإعلام نحو التركيز على أنه ليس هناك من هو أحرص على الإسلام من الرئيس، وحكومته، وأغلبيته، فالمزايدة في هذا الموضع مرفوضة تماما.
الحزم، والمرونة..
من الناحية الأمنية، على النظام أن يضرب بيد من حديد على المخربين، وأن يوفر الأمن، والسكينة للناس، ولكن في المقابل عليه أن يخفف القيود على التظاهر السلمي، ليمنح الشعب فرصة للتنفيس عن غضبه، لأن رفض الترخيص للتظاهر السلمي قد يؤدي للجوء إلى العنف من البعض، هذا فضلا عن أن التجمع، والتظاهر سلميا للتعبير عن الرأي هو في النهاية حق ثابت في الدستور، والقوانين.
سعدبوه ولد الشيخ محمد.