لماذا تجاهلت المعارضة ولد غده، ولماذا لم ينفذ الرئيس تهديده ؟ (تحقيق خاص)
خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء الشعبي الأخير، احتل السيناتور محمد ولد غده واجهة المشهد السياسي، والإعلامي في موريتانيا، وكان – بلا منازع- بطل العديد من المعارك بين المعارضة والنظام، ولعل معركة إسقاط الشيوخ لمشروع الاستفتاء كشفت دور ولد غده الكبير، وما تلا ذلك من مظاهرات، ومناوشات بين الشرطة، والرافضين للاستفتاء في شوارع انواكشوط، حيث أبان ولد غده عن استعداد للتضحية قل نظيره في صفوف زعماء المعارضة، وتعرض الرجل للإغماء أكثر من مرة في ساحات المواجهة، ليتم تتويج كل ذلك باقتحام منزله في انواكشوط، من قبل عناصر أمنية خاصة، واقتياده إلى جهة مجهولة، قبل أن تعلن السلطات لاحقا مكان احتجازه، وتسمح بزيارات محدودة له.
وحتى بعد اعتقاله، استمر ولد غده في احتلال الصدارة، وذلك عبر تسريبات صوتية من هواتفه التي صادرها الدرك بعيد حادث سير تسبب في وفاة عدة أشخاص، بل إن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز أكد في مهرجانه الختامي لحملة الاستفتاء بمطار انواكشوط القديم، أكد أنه سيتم نشر المزيد من التسريبات الخطيرة التي تدين ولد غده، وتكشف مؤامراته ضد الوطن، لكن وعد الرئيس هذا لم يجد طريقه للتنفيذ، بل على العكس من ذلك، تم وقف تسريبات ولد غده تماما، بعد أن كانت تـُضخ في مواقع الانترنت من قبل مقربين من النظام، بواقع تسريب كل يوم على الأقل، وهو ما زاد الغموض حول طبيعة الدور الذي كان يقوم به السيناتور ولد غده، ولمصلة من هذا الدور؟؟؟؟؟!.
تعامل المعارضة مع اعتقال ولد غده كان باهتا، بل إن المعارضة في آخر مهرجان نظمته السبت 16 ديسمبر 2017 تجاهلت تماما قضية سجن ولد غده، ولم تطالب بإطلاق سراحه، ما يكشف تخليها التام عن الرجل، وليـُطرح السؤال عن أسباب ذلك، وهل تلقت المعارضة معلومات سرية كشفت لها حقيقة الرجل، فاستدعى ذلك تجاهله ؟؟!
مسار قضية السيناتور الشاب محمد ولد غده يطرح من الأسئلة الحائرة أكثر مما يقدم من الإجابات المقنعة، وتتداخل فيه العديد من العناصر، والمؤشرات المتناقضة، والتي تجعل ملف ولد غده أرضية خصبة لنظريات المؤامرة، والأكيد أن الأشهر، أو على أبعد تقدير السنوات القادمة ستكشف الحقيقة كاملة، وتجيب عن السؤال الأبرز: هل محمد ولد غده زعيم معارض، ورجل شجاع، ضحى بنفسه من أجل الوقوف في وجه نظام ابن عمه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، أم أن ولد غده مجرد أداة استخدمتها بعض الأطراف للعب أدوار محددة، وانتهت تلك الأدوار ؟؟؟!.