وزراء مشاكسون 2..(المختار ولد اجاي)
ضمن الحلقة الثانية من التحقيق الذي يجريه موقع (الوسط) بعنوان "وزراء مشاكسون"، نخصص هذه الحلقة لوزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي، لنرصد أبرز المحطات في المسار السياسي، والإداري لهذا الرجل الصاعد خلال السنوات الأخيرة، وكيف تحول من تكنوقراطي غير معروف في الوسط السياسي، والإداري، إلى الرجل الأقوى في الحكومة، وكيف تحول كذلك من تابع مطيع للوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين، إلى رقم صعب في معادلة الحكم، وأخيرا إلى منافس قوي على منصب الوزير الأول، وربما مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية.
بوابة الضرائب..
مع بداية المأمورية الأولى لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، اختار المختار ولد اجاي لمنصب المدير العام للضرائب سنة 2010، حيث أبان الشاب القادم من وزارة التهذيب عن قدرات فائقة في التحصيل، ومؤهلات كبيرة في الإدارة، والتسيير، واستطاع على مدى خمس سنوات انتشال إدارة الضرائب من الفساد، والمحسوبية، وهدر موارد الخزينة، إلى مصدر رئيس لتزويد الخزينة العامة، وحققت الضرائب في عهده أفضل فتراتها على الإطلاق، ليتم تكريمه من قبل الرئيس ولد عبد العزيز بتعيينه وزيرا للمالية يوم الجمعة 16 يناير 2015، لتبدأ مرحلة جديدة في النسق المتصاعد لولد اجاي نحو قمة الهرم.
حصد ثقة الرئيس..
شكل تعيين المختار ولد اجاي وزيرا للمالية خطوة منطقية جدا، وبادرة تثبت ثقة الرئيس ولد عبد العزيز في هذا الشاب القادم من المجهول، وهي الرسالة التي تلقفها، وفهمها بسرعة ولد اجاي، فبدأ يطبق كلمة السر التي نجح بها في إدارة الضرائب في تسيير وزارة المالية، ألا وهي: "تحصيل الكثير، وإنفاق القليل"، وهي المعادلة التي جلبت على ولد اجاي نقمة الكثيرين، ليس فقط من رجال الأ‘مال، الذين يرون أنه أنهك كاهلهم بالضرائب، بل نقمة زملائه في الحكومة من الوزراء، والموظفين، الذين يرون أن ولد اجاي ضيق عليهم في رزقهم، وأغلق منافذ عديدة كانوا يستخدمونها للحصول على موارد مالية بطريقة أو بأخرى، وفي مقابل غضب الجميع منه، كان ولد اجاي يحصد رضا، وثقة الرئيس ولد عبد العزيز، الذي يبدو أنه وجد فيه الرجل المناسب في المكان المناسب، فقرر أن يكافئه بتوشيح بوسام ضابط، بمناسبة الذكرى 55 لعيد الاستقلال الوطني، المنظمة احتفالاتها بانواذيبو، ليكون ولد أجاي بذلك الوزير الوحيد الذي يتم توشيحه وهو لا يزال في منصبه، لتكون محطة أخرى من محطات التميز، والصعود في انتظار ولد اجاي.
هزيمة ولد الرايس، وجمع الوزارتين..
تميزت الأشهر الأولى من سنة 2016 بمؤشرات واضحة على قوة ولد اجاي، واستمراره في حصد الإنجازات على المستوى الشخصي، فقد استطاع "التخلص" من رجل النظام القوي، ورئيس وفده في مفاوضات داكار، محافظ البنك المركزي حينها سيد احمد ولد الرايس، وأكثر من ذلك قرر الرئيس ولد عبد العزيز الجمع لولد اجاي بين "الوزارتين" في مكافأة لم ينلها وزير قبله، فبات يدير أهم وزارتين معنيتين بالشأن المالي للبلد (وزارة الشؤون الاقتصادية والتنية، ووزارة المالية)، وأصبح من يوم 10 فبراير 2016 وزيرا للاقتصاد والمالية، ليحكم قبضته على موارد موريتانيا، الخارجية، والداخلية، جمعا، وتسييرا، وتخطيطا، وللمفارقة، فإن ارتباط ولد اجاي بالشأن المالي يبدو أنه بدأ منذ ولادته، حيث ولد سنة 1973، وهي السنة التي بدأ فيها استخدام العملة الوطنية "الأوقية".
المسار السياسي..
وبما أن الإنجازات لا تأتي فرادي، - كما هي المصائب- أظهر ولد اجاي قدرات خارقة في الشأن السياسي، واستطاع تشكيل حلف سياسي قوي في مقاطعة مكطع لحجار، يضم عمد البلديات، والعديد من كوادر هذه المقاطعة الهامة، وأظهر ولد اجاي قدرة فائقة على التعبئة، والحشد الشعبي، وهي المؤهلات التي تلقفها الرئيس ولد عبد العزيز، فبدأ يسند المهام السياسية الحساسة للرجل، ويختاره في الأوقات الحرجة، وكانت البداية مع حملة شرح مضامين خطاب الرئيس في النعمه، قبل أن يتوج المسار باختيار ولد اجاي لإدارة حملة الاستفتاء الشعبي على مستوى ولايات انواكشوط الثلاث، وكما كان في مجال الإدارة، والتسيير المالي، ظل ولد اجاي شخصا مثيرا للجدل، يختلف الناس في تقييمه، لكن الجميع يعترف له بالاستماتة في الدفاع عن النظام، والكفاءة الخطابية، والإقناعية، واستحضار إنجازات ولد عبد العزيز، والحديث عنها بشيء من القناعة، والإقناع.
المنافسة، والصراع..
لم تكن طريق ولد اجاي في المسار السياسي مفروشة بالورود، بل كانت محفوفة بالمخاطر، والمطبات، خاصة وأن الرجل لم يكن قادما من رحم القواعد الحزبية، أو الشعبية، ولم يكن وليد تجربة سياسية عريقة، أو من وسط اجتماعي له باع طويل في السياسة، والريادة، لكن كل تلك العقبات لم تكن لتحول بين ولد اجاي وبين الصدارة، وقد توسعت دائرة منافسي ولد اجاي، وخصومه داخل صفوف النظام مع تنامي حضوره السياسي، لكن الأهم هو انحسار الثقة بينه، وبين الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين، الذي كان من المتحمسين لتعيينه وزيرا للمالية، وانتقلت العلاقة بين الرجلين من التحالف الاستراتيجي، إلى الفتور الصامت، مع انسجام تفرضه مقتضيات الإدارة، ومصلحة النظام، لكن المراقبين باتوا اليوم يصنفون ولد اجاي ضمن "الوزراء المشاكسين"، لكن حنكته السياسية جعلته ينجح في إبعاد فتور علاقته بالوزير الأول عن الأنظار، كما أن مكانة ولد اجاي لدى الرئيس ولد عبد العزيز جعلت الوزير الأول يعامله ب"أفضلية" خاصة، في انتظار الإجابة عن السؤال الكبير.. هل سيكون ولد اجاي نجما ظهر، ثم أفل، وانتهى دوره، أم أنه تتم تهيئته للعب أدوار أكثر أهمية في المستقبل ؟؟؟.
ملاحظة: خاص بموقع الوسط.
يتواصل..
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""</p>"