موريتانيا: من يقف خلف التهجم على الجنرالات، وما أهدافه ؟ (خاص)
يشهد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال الفترة الأخيرة حالة من الصراعات تعصف بمكونات الدولة على نحو غير مسبوق، جعلت غياب الانسجام بين كبار المسؤولين سمة بارزة يلاحظها الجميع، حتى إن الوزراء يـُقبل بعضهم على بعض يتلاومون، وكأنهم ليسوا ضمن حكومة واحدة، لكن الأبرز في هذا الصدد هو الهجوم المنسق الذي يتعرض له قادة الجيش، والأجهزة الأمنية من مقربين من الحكومة، وسط ترويج لدعاية يبثها أنصار الوزير الأول مفادها التخويف من تغول الجنرالات على السلطة من جديد، وتحامل بعض الوزراء علنا على قادة في الجيش، الأمر الذي أثار غضب قائد أركان الجيوش الفريق محمد ولد الشيخ محمد احمد، بل وأغضب رئيس الجمهورية نفسه، وأمر الرئيس بوقف التهجم على قادة الجيش، والأجهزة الأمنية على الفور، وكان ملاحظا الهجوم الذي تعرضت له زوجة قائد أركان الجيوش في بعض المنابر الإعلامية قبل أيام.
والمفارقة في هذه الحملة ضد قادة الجيش والأمن هو أن انتقاد الجيش كان يأتي سابقا من المعارضة، لكنه اليوم يأتي بنيران صديقة من أطراف في الحكومة، ارتأت أن تشن حملة دعائية ضد المؤسسة العسكرية والأمنية لأهداف لا يزال المراقبون يبحثون عن كنهها، وحسب مصدر رفيع المستوى تحدث ل(الوسط) فإن رئيس الجمهورية، وقائد أركان الجيوش يبحثان عن الخيط الذي يقود لمعرفة دوافع هذه الحملة المنسقة على الجنرالات في هذا التوقيت بالذات ومن يحركها فعليا أو بالوكالة، وقد حذر رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم قبل أيام فقط في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع جالو باتيا، حذر من أن الديمقراطية لا تعني احتقار الجيش، أو تهميشه، وأن موريتانيا تعتز بالدور الذي يلعبه الجيش، والأجهزة الأمنية في الدفاع عن البلد، وفرض الأمن في ربوعه، وهي الرسالة التي لا يبدو أن الأطراف المعنية بها قد استقبلتها بما يلزم من فهم وتطبيق.
وفي خضم البحث عن أهداف استهداف الجيش من قبل دوائر نافذة في الحكومة في توقيت حساس كهذا، يبرز احتمال تخوف هذه الدوائر المدنية من سيناريو ترشح قائد أركان الجيوش لمنصب رئيس الجمهورية، وكأن تلك الدوائر أرادت بدء حملة ضد هذا الترشح حتى وأنه لم يتأكد بعد من أي جهة رسمية، في حين يرى بعض المراقبين أن امتعاض بعض المدنيين من الجيش وأجهزة الأمن يعود إلى منافسة بعض الجنرالات لهؤلاء المدنيين في مناطق نفوذهم السياسي، حيث بات بعض قادة الجيش والأمن يحظون بدعم شعبي يحسدهم عليه السياسيون، ومهما يكن فإن مهاجة الجنرالات من قبل دوائر حكومية نافذة ليست هي الوسيلة الأفضل لكسب سند شعبي، فمهاجمة القادة العسكريين تغضب الرئيسن ولا ترضي الشعب في النهاية.