انواكشوط "قنبلة انتخابية"، فمن سينتزع فتيلها لصالحه ؟!
تـُعتبر القراءة الصحيحة للخارطة الانتخابية، وأماكن توزع الكتلة الناخبة أمرا أساسيا في أي حملة انتخابية، خاصة الانتخابات الرئاسية، والتي تعتبر البلاد فيها بكاملها بمثابة دائرة انتخابية واحدة، بمعنى أن الناخب الموجود في فصاله مثلا تتساوى أهمية صوته مع الناخب في انواذيبو، أو أي مدينة أخرى، وفي النهاية يتم احتساب أصوات الناخبين بشكل موحد على عموم التراب الوطني، ويرى معظم المراقبين أن العاصمة انواكشوط ستكون لها كلمة الحسم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك لعدة عوامل، أبرزها:
أولا: الكثافة السكانية..
تحتفظ انواكشوط لوحدها بما يناهز ثلث الكتلة الناخبة على مستوى الوطن - تقريبا- وهو ما يجعل أي مرشح يتقدم في العاصمة أوفر حظا بالفوز بالرئاسة، حتى لو حل متأخرا في العديد من الولايات الأخرى، فعلى سبيل المثال لو افترضنا أن مرشحا تقدم في خمس ولايات: آدرار، إينشيري، تيرس الزمور، تكانت، كيدي ماغا، لكن هذا المرشح لم يحصل على غالبية أصوات انواكشوط فإن تقدمه في تلك الولايات مجتمعة يصبح بلا فائدة.
ثانيا: انتشار الوعي..
يعتبر التعامل مع ناخبي العاصمة انواكشوط صعبا، ومعقدا، بفعل انتشار الوعي بين سكانها، واطلاعهم على مجريات العملية السياسية، وسهولة الوصول إليهم من قبل جميع المرشحين، وهي عوامل لا توجد في ناخبي الداخل، ولعل هذه الأسباب جعلت العاصمة معقلا تاريخيا للمعارضة باختلاف أطيافها، فكثيرا ما واجه مرشحوا الأنظمة صعوبة في حسم العاصمة مقارنة بالولايات الأخرى، وتزداد هذه الصعوبة مع انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، وتنامي حضور الشباب.
ثالثا: غياب البعد القبلي..
يعتمد النظام عادة على الأطر، والوجهاء، ورجال الأعمال،أو ما يمكن تسميتهم ب"الناخبين الكبار" للفوز في المناطق الداخلية، لكون كل بلدية، أو مقاطعة محسوبة على مجموعات قبلية معروفة، تمثلها شخصيات بعينها، تلتقي مصالحها مع مصلحة النظام، فيتم التنسيق معها لحصد غالبية أصوات "الناخبين الصغار" في تلك المناطق، وهذه الميزة لا توجد إطلاقا في انواكشوط، فساكنة العاصمة خليط من جميع القبائل، وجميع الجهات، وفئات المجمع، وإثنياته، وهو ما يجعل كسب أصوات سكان انواكشوط أمرا بالغ الصعوبة.
ويدق بعض من أنصار النظام ناقوس خطر العاصمة انواكشوط، مطالبين بالتركيز عليها، بدل الاهتمام بالقرى، والمقاطعات التي لا توجد بها كثافة انتخابية تذكر، مقارنة بالعاصمة، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية، والبلدية، والجهوية الأخيرة أظهرت متاعب الأغلبية في انواكشوط، فعلى المستوى البلدي سجلت المعارضة حضورا ملحوظا في بلديات العاصمة، خاصة عرفات، وتوجنين، والميناء- التي كسبها النظام بشق الأنفس-، كما كادت المعارضة تحسم منصب رئيس جهة انواكشوط، وفاز به الحزب الحاكم بفارق ضئيل، وهو ما يـُظهر تنامي شعبية المعارضة في العاصمة، فهل سينتبه المرشح محمد ولد الشيخ محمد احمد ولد القزواني لخطر "القنبلة الانتخابية" لانواكشوط، وينتهج خطة مـُحكمة لنزع فتيلها، وإبطال مفعولها، لتنفجر في وجه معارضيه، وتصب في مصلحته، أم أن الفاعلين السياسيين في النظام يجدون مصالحهم الشخصية أكثر في مناطق الداخل، وسيتم التركيز عليها، حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة المرشح ولد القزواني في النهاية؟؟.