موريتانيا: نواب البرلمان يعرقلون عمل الوزراء (خــاص)
ينص الدستور الموريتاني على أن من وظائف نواب البرلمان تشريع القوانين، والمصادقة على المعاهدات،والاتفاقيات، ورقابة عمل الحكومة، لكن يبدو أن نواب الجمعية الوطنية الحالية – أوبعضهم – استحدث مهمة جديدة ليست في الدستور، وتحول من "مراقبة" عمل الحكومة، إلى "عرقلة" عمل الحكومة.
المتردد على الوزارات، والإدارات الحكومية هذه الأيام يلاحظ ظاهرة منتشرة، وهي استحواذ نواب الجمعية الوطنية على معظم وقت الدوام الرسمي للوزراء، وكبار الموظفين، فالنواب يأتون إلى مكاتب الوزراء، ويجدون طوابير من المواطنين البسطاء، جاؤوا لحل مشاكل يومية، ترتبط بها حياتهم،قد تكون توقيع أوراق، أو استخراج مستندات،أو تصحيح وضعية...الخ، فيدخل السيد النائب على الوزير دون استئذان،ودون المرور بالبواب،ولا مراعاة للطابور، مستغلا حصانته البرلمانية.
والأدهى من ذلك والأمر أن السيد النائب يبدأ في أحاديث لا نهاية لها، شاغلا بذلك وقت الوزير، ومضيعا أوقات المواطنين الذين ينتظرون خروجه، بينما هو يتحدث عن "السحاب" وأخبار تشكيل الحكومة، والانتخابات الأخيرة، أو حتى عن قصص ماضية،وكأنه في صالون منزله، وليس في مكتب عام.
الوزراء يجدون أنفسهم في حرج شديد، فهم لا يستطيعون طرد النواب من مكاتبهم،لمكانتهم السياسية، ولأنهم قد يستجوبون الوزير في أية لحظة، مع أن السادة النواب يعطلون على الوزراء سير العمل، وغالبا ما يأتي النواب للوزراء للحديث في أمور شخصية، مثل توظيف أقارب لهم،أو الحصول على صفقات لرجال أعمال مقربين منهم... وهي قضايا لا علاقة لها بالشأن المحلي في دائرتهم الانتخابية، أو للبلد بشكل عام، وهو ما يطرح مسألة استغلال النائب لمكانته الدستورية، والسياسية لتحقيق مكاسب شخصية، ونسيان المواطنين الذين انتخبوه رغبا، أو رهبا.
هذه الظاهرة باتت تؤرق الوزراء، وتقلق المواطنين، الذين يطالبون بتخصيص يوم، أو يومين في الأسبوع لمقابلة السادة النواب، ويتركوا بقية أيام الأسبوع للوزير، وللمواطنين الآخرين لتسوية مشاكلهم، ويذهب مواطنون إلى القول إن الجمعية الوطنية مؤسسة رسمية لديها أطرها الخاصة، وآلياتها التي تتعامل من خلالها مع القطاعات الحكومية، ومن ثم فعلى النواب أن يتبعوا هذه الأطر لطرح القضايا على الوزراء، عبر مراسلات رسمية، إذا كان الأمر يتعلق بالشأن العام، وإذا كان يتعلق بالشأن الخاص فعليهم الذهاب إلى الوزير في منزله، بدل التسكع في المكاتب.