الشيخ محمد الأمين.. بين اختفاء الأثر، وإهمال الأقربين
ولد الشيخ محمد الأمين الشيخ ولد أي الملقب "ميمين" التنواجيوي في قرية بوخزامة التابعة لمدينة النعمة بالحوض الشرقي سنة 1930 ونشأ متنقلا بين الحوضين تارة مع والدته وأخواله في "تيمزين " وتارة مع والده وأهله في الحوض الشرقي.
تلقى تعليمه الأول في أخواله فقرأالقرآنعليخالهأبحيدَ بنأحمدعمالمتوفىسنة 1955, فأتقن حفظهورسمهوتجويده، وقرأمبادئالسيرةوالفقهوالنحو تملهذلككله قبلأنيبلغالحلم فكان منمن أوتي الحكم صبيا قال ابن عباس رضي الله عنه ()منقرأالقرآنقبلأنيحتلمفهوممنأوتيالحكمصبيا))
ثمتوجهإليمدينة "ولاته" التاريخية وكانتآنذاكمليئة بالمحدثين والفقهاء واللغويين، فقرأ في محظرة أهل سيد عثمان جميع العلوم التي تقرأ فيها منحديث وعلومهوفقهوأصولهولغةعربية وعلومهاوكانمحبباعليشيوخه يحاورهمويسترشدهمويلازمهم وكانوايمتحنونهفيالإعرابوالحفظ والفهموينتهيالامتحانبتمجيدهومداعبته. فاكتشفواذكاءهوعبقريته وأفتاهالعلامة حسنيبنمحمد يحيي الولاتي المتوفى ت 1948 بوجوبالاشتغالبالعالم ، وعدمالاكتفاءبفرضالعين ورآه من المهيئين للتفقه في الدين.
فكانلهذهالفتوىأثرهافيحياتهفكانتحياتهكلهاعلماوتعليماووعظاوإرشادا نشر العلم واشتغل بالدعوة إلى الله مبكرا قاده ذلك إلى المكث مدة طويلا متنقلا بين دول أفريقيا يجالس العلماء ويناقشهم في مسائل الدين ويقدم المحاضرات والدروس في المساجد ودور العلم.
واستمريتنقلخارج الوطنمنقريةإليقرية ومندولة إليدولةحتىوصلالحجاز، فأدى فريضة الحج وهو صغير ، ثم عاد إلى مكان إقامته في نيجيريا وواصل الدعوة هناك واهتدى على يده خلق كثير وكان العلماء ورجال الدين يتنافسون في الاستئثار بضيافته لما شاهده من يمنه وبركته فلا يرقى أحد إلا شفي بفضل الله ولا يأتيه أحد في حاجة إلا قضيت.
عندما قرر رحمه الله العودة إلى أرض الوطن ليبدأ بناءه دينيا وعلميا وثقافيا أنشأ مع جماعة من العلماء الرابطة الموريتانية للدفاع عن الإسلام وهي أقدم الروابط الدينية في موريتانيا، مهمتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قدم عشرات المحاضرات الدينية داخل البلاد وخارجها وفي سنة 1963 قام بإنشاء مدارس ابن عامر الإسلامية التي خرجتمنها بالإضافة إلى الأئمة والعلماء الكثير من الأطر والإداريين الأكفاء، الذين أصبحوا لاحقا وزراء وولاة ومسؤولين سامين في الدولة، وظل الشيخ محمد الأمين الشيخ وحتى آخرآخر أيامه مقبلا على العبادة التعليم والدعوة، وعرف بالورع والصلاح والتقى والإنفاق، وقد انتدبته رابطة العالم الإسلامي بعد أحداث 11 من سبتمبر2001 للرد على تصريحات بابا الفاتكان المتعلقة ب"صراع الحضارات" ومحاولات تشويه الإسلام ونعته بأوصاف غير لائقة.
وبعد عمر حافل بالعطاء ناهز السبعين أسلم العلامة محمد الأمين الشيخ الروح إلى باريها صباح الثلاثاء التاسع والعشرين من مايو سنة 2007 بقرية "بوخزامة" شمال مدينة النعمة في ولاية الحوض الشرقي.
تغمده الله بواسع رحمته، أعطى في صمت ورحل في صمت في بلد لايقدر العلماء،
الشيخ محمد الأمين شخصية عالمية وظاهرة عبقرية نادرة في موريتانيا وفي العالم الإسلامي توفي وهو عضو في رابطة العالم الإسلامي، يحضر مجالسها ويشارك في البحوث التي تقام بها وفي أعمال لجانها، كما توفي وهوعضوفيرابطةالعلماءالموريتانيين.