قناة الموريتانية تنجح حيث فشلت القنوات الخاصة.. ما السبب ؟!
رغم أن شهر رمضان المبارك هو شهر للصيام، وترويض النفس على الجوع، والعطش، إلا أن الشهر الفضيل يشهد إنفاقا هو الأكبر على الأكل، والشرب، حد الإسراف، والإفراط، والقاعدة نفسها تنطبق على الفضائيات، فشهر رمضان يعتبر ذروة المشاهدة التلفزيونية، مقارنة بأشهر السنة الأخرى، وتحرص القنوات التلفزيونية في العالم العربي، والإسلامي على تخصيص مساطر برامجية خاصة بشهر رمضان.
في موريتانيا – ومع انتصاف الشهر الكريم- يمكن تقييم أداء القنوات الوطنية، وأبرز ما يلاحظه المشاهد هو أن قناة "الموريتانية" كانت بالفعل في طليعة الفضائيات الوطنية، وبفارق كبير مع أقرب منافسيها، ف"الموريتانية" أعدت للشهر الكريم برامج من وحي المناسبة، وفقرات خفيفة، مفيدة، وشيقة، فضلا عن مواكبة للشهر الفضيل عبر نافذة في نشرة المساء الرئيسة، تناقش أبرز الأنشطة الدينية، من محاضرات، وندوات، وتلامس هموم المواطنين، وانشغالاتهم في هذا الشهر الكريم، ويبقى برنامج "الخيمة الرمضانية" تاج تلك المسطرة، بعد التحسينات التي طرأت عليه هذه السنة.
وفي المقابل جاء إنتاج القنوات الأخرى دون استثناء ضحلا، ومتواضعا، من حيث الكم، والكيف، والشكل، والمضمون، فالقنوات الخاصة اكتفت ببرامج ممجوجة، مثل المسلسلات المحلية القصيرة، التي تناقش أفكارا تافهة، أو برامج الكامرا الخفية، التي تجاوزها الإعلام منذ فترة، ولا زالت محل تسابق لدى فضائياتنا، وبعض التلفزيونات لا يلمس المشاهد أصلا أنها دخلت شهر رمضان، فالمشاهد لا يجد عليها ما يشبع نهمه للجديد.
ويرى البعض أن سبب هذا التواضع في الإنتاج الإعلامي لدى القنوات الخاصة يرجع للعجز الكبير في ميزانيات تلك القنوات، وهو عجز يصل أحيانا نسبة مائة في المائة، مقارنة بالميزانية الكبيرة لقناة الموريتانية، إلا أن ذا السبب وحده غير مقنع، صحيح أن الإعلام صناعة، والصناعة تحتاج لتمويل، لكن المال في النهاية ليس هو كل شيء، فالفكرة الطموحة، والرؤية الناجحة لا تقلان أهمية عن الجانب المالي، فبعض البرامج البسيطة، وغير المكلفة ماديا يحقق نسب مشاهدة كبيرة، في حين يتم إنفاق عشرات الملايين على برامج أخرى لا تلقى أحيانا أي اهتمام لدى المشاهدين.
والمفارقة أن قناة "الموريتانية" تحسب على النظام، وتلتزم بخط تحريري يعكس نظرة النظام، إلا أن "الموريتانية" تبدو في كثير من الأحيان أكثر جرأة في تناول مواضيع معينة من القنوات التي يفترض فيها أنها مستقلة، ومع تحرير الفضاء السمعي البصري في البلد، وظهور تلفزيونات خاصة، توقع البعض أن تنتهي هيمنة التلفزة الموريتانية، وتصبح مثل الجرائد الورقية مع ظهور الإنترنت، إلا أن "الموريتانية" استطاعت أن تواكب المرحلة بباقة برامجية، خطفت الأضواء من القنوات الوليدة، وظلت "الموريتانية" فعلا القناة الأفضل من كل النواحي، الفنية، والمهنية، والإنتاجية.