لماذا تجاهلت منسقية المعارضة رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي؟!
صحيح أن النظام الموريتاني سيحاول استغلال هذا الحدث للاستهلاك السياسي الداخلي، باعتباره إنجازا كبيرا لسياسته الخارجية، لكن ذلك من حقه كنظام سياسي يسعى لتسويق نفسه داخليا، وخارجيا. قبل أيام تولت موريتانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، ورغم أن هذا الحدث لم يحصل منذ الاستقلا سوى مرة واحة في مطلع سبعينيات القرن الماضي، ورغم التفاؤل الذي قوبلت به رئاسة موريتانيا للاحاد الإفريقي من طرف الدول الإفريقية، والأوربية إلا أن الطبقة السياسية (المعارضة) لم تتناول هذا الحدث، ولم تعلق عليه على الأقل بما يتناسب مع الحدث.
بيد أن الغريب هنا، وغير المبرر هو أن تتجاهل أحزاب سياسية كبيرة (أحزاب المنسقية) تتجاهل حدثا وطنيا بهذه الأهمية، فأن يذكر اسم موريتانيا في الصدارة في محفل إقليمي هام فذلك مكسب وطني يتطلب الإشادة به، وتثمينه، مادام الجميع يتحدث عن "الوطنية" باعتبارها مبدأ مقدسا.
إن منسقية المعارضة تبادر باقتناص أي مقال صحفي يكتب في جريدة غربية حتى لو كان مجرد رأي لتضخمه، وتعقد المؤتمرات الصحفية للتعليق عليه، إذا كان ينتقد النظام الموريتاني، أو يتحدث عن جوانب الفساد، وآخر ذلك ما نشرته صحيفة فرنسية حول تراجع البنك الإسلامي للتنمية عن بناء محطة انواكشوط الكهربائية، وهو ما نفاه البنك على لسان رئيسه الذي زار انواكشوط لتفنيد ذلك الخبر.
فلو أن الاتحاد الإفريقي رفض تسليم الرئاسة لموريتانيا لسبب أو لآخر، لأقامت المنسقية الدنيا، ولم تقعدها، ولاعتبرت ذلك دليلا دامغا على فشل النظام الموريتاني، فمتى تظل منسقية المعارضة في مرحلة ردة الفعل؟؟ ولماذا لا تفهم المنسقية أن رئاسة الاتحاد الإفريقي هي مكسب لموريتانيا كدولة، وشعب، قبل أن تكون انتصارا للنظام؟؟
فموريتانيا مقبلة على انتخابات رئاسية قد تطيح بالنظام الحالي، وتبقى الرئاسة الإفريقية لموريتانيا، عبر الرئيس المنتخب، إن تجاهل منسقية المعارضة لحدث رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي يوضح بجلاء أن المنسقية لا تهتم إلا بما يقربها من الحكم، وأي حدث لا يمكن استخدامه كسلاح ضد النظام لا يهمها في شيء مهما كان مهما عند الشعب الموريتاني.
لقد طالبت منسقية المعاضة العالم – خصوصا أووروبا، وإفريقيا- بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الأخيرة في موريتانيا، وجاء الرد من الأفارقة بإعطاء الرئاسة الإفريقية لموريتانيا، كتزكية واضحة لنهج النظام الموريتاني، بينما سارعت فرنسا، وإسبانيا، وأمريكا إلى تهنئة الشعب الموريتاني على الانتخابات البرلمانية، والبلدية، كما عبرت فرنسا عن ثقتها برئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي.
خطوات يبدو أنها أدخلت منسقية المعارضة في سبات عميق، إن لم نقل في غيبوبة، وباتت أخبار المنسقية شحيحة، وأنشطتها نادرة، ومؤتمراتها تمر دون أن تحدث أي صدى إعلامي، بعد أن كانت المنسقية تعد بزلزلة الأرض من تحت أقدام نظام ولد عبد العزيز.
هذا الاستنتاج ليس فقط قراءة محلية لواقع المنسقية بل إن مركز دراسات غربي متخصص في الشؤون السياسية توقع نهاية سياسية لمنسقية المعارضة في موريتانيا بعد مقاطعتها للانتخابات الأخيرة.
سعدبوه ولد الشيخ محمد