تجمع أمن الطرق: صرامة في تطبيق القانون تزعج المخالفين
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ الجمعة, 16 أيار 2014 22:57
تتفق كل المناهج، وطرائق البحث، والتأليف على أن العنوان ينبغي أن يكون مرآة تعكس النص الذي يأتي بعده، أو هو مقدمة موجزة قد تغني اللبيب عن قراءة التفاصيل، ولكن عندما يكون العنوان مناقضا للنص، يكون حينها مضللا، ومتنافرا.
لقد طالعت عنوانا في أحد المواقع يقول"تجمع أمن الطرق.. عندما تختفي الأخلاق" وفعلا شدني هذا العنوان، وأثار فضولي لمعرفة أي شواهد قد يسوقها الكاتب كدليل على إثبات الحكم الذي ذهب إليه في العنوان، فبدأت أقرأ الموضوع بالتفصيل.
وبعد ما تجاوزت منتصف النص، اعتقدت أن الكاتب، أو إدارة الموقع ربما أخطأ أحدهما، فجعل عنوانا في غير مكانه، لأن كلما قرأته يشبه خطبة جمعة، من إمام ينقصه الاطلاع على الدليل الشرعي، ويعوزه الإلمام بأبجديات لغة الضاد، مبنى، ومعنى.. حتى إنه جعل السلف يأخذ من الخلف!!
وبعد أن استعراض الكاتب ما أسعفته به قريحته من أشعار، وأقوال مأثورة حول فضل مكارم الأخلاق، خلص في نهاية مقاله إلى أن عناصر تجمع أمن الطرق تنقصهم الأخلاق الحميدة، واتهمهم بسوء المعاملة مع المواطنين، دون أن يقدم حوادث بعينها، شاهدها كدليل على دعواه، متناسيا أن الدعوى بلا بينة ليست من مكارم الأخلاق، فضلا عن كونها استخفافا بعقول القراء.
لكن العجب العجاب أن صاحب المقال – الذي أسهب في الحديث عن أهمية الأخلاق الحميدة في بداية مقاله- يبدو أنه كفر بها في نهاية المقال، بدليل أنه قال: " ... يبدؤك بالسب والشتم هذا إن امتثلت أوامره بالتوقف" وكأن الكاتب هنا يحرض السائقين على عدم امتثال أوامر أفراد أمن الطرق، الذين يسهرون على تنظيم السير، ويعتبر الهروب منهم من مكارم الأخلاق!!
كما تعمد الكاتب التعميم في حديثه عن أفراد تجمع الطرق، ووصفهم بسوء الأدب، ونقص التكوين، بل وطعن في آبائهم، وأمهاتهم، عندما اتهمهم بعدم التربية الحسنة، ولم يستثن من أفراد التجمع أحدا، وكأن توزيع الشتائم، وتعميم التهم السيئة بات من مكارم الأخلاق!!!حيث قال الكاتب بالحرف:
" فالذي يقابل أحد أفراد شرطة أمن الطرق الحديثة التكوين يلاحظ خللا في المنظومة الأخلاقية لأفراد هذا الجهاز الذي اكتتب حدثانا في السن فقراء في التجربة ، لم يتلقوا تكوينا مدرسيا ولا اجتماعيا يهذب سلوكهم في التعامل مع الناس".
والأغرب في هذا المقال، المتناقض أن صاحبه أساء إساءة بليغة لجهاز الشرطة الوطنية، عندما قال إنها كانت تتغاضى عن المخالفات، وتسمح بانتهاك القانون مقابل الوساطة، أو الزبونية.
حيث قال صاحب المقال بالحرف:" رحم الله شرطتنا الوطنية القديمة ما أعدلها، فقد كانت قبل كل شيء تقبل الحوار وتحترم الإنسان وتتجاوز له عن بعض أخطائه إن قدم لها عذرا معقولا وعرفها بشخصيته الوظيفية "
فعندما يدعو شخص – يصف نفسه بأنه دكتور- يدعو إلى تقديم الأعذار لرجال الأمن، واستغلال المعرفة الشخصية، والمكانة الوظيفية في انتهاك القانون، وارتكاب الأخطاء، والإفلات من العقاب، تكون البلاد التي تباكى صاحب المقال على مستقبلها في خطر، وتكون الأخلاق التي تحدث عنها قد تم تشويهها، والمفاهيم قد تم التلاعب بها، فإذا كانت هذه لغة الدكاترة، وهذا تفكيرهم فعلى القانون، والأخلاق السلام.
إن تجمع أمن الطرق – رغم قصر تجربته- قدم أداء مقنعا، وكفاءة عالية في أداء مهامه، والأهم من كل ذلك استطاع في ظرف وجيز أن يمحو تلك الصورة النمطية السيئة عن شرطي المرور، التي يتباكى صاحب المقال عليها، وتتلخص في دفع مبلغ زهيد، أو اتصال بمسؤول، أو تقديم الوظيفة لمخالفة قوانين السير، والإفلات من العقاب.
وتبقى المفارقة الغريبة أن معظم الانتقادات التي يتعرض لها تجمع أمن الطرق تأتي من الدكاترة، أو كبار الموظفين، بينما الأغلبية الساحقة من المواطنين البسطاء راضية تماما عن أداء التجمع، وفي ذلك مؤشر على أن الخلل ليس في تجمع أمن الطرق، بل في من تعودوا استغلال مكانتهم لمخالفة القوانين، والأخلاق.
سعدبوه ولد الشيخ محمد