مواقع: الرئيس غاضب من قائد الجيوش، ومنزعج من البرلمان، وغير راض على الحكومة
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ الجمعة, 05 كانون1/ديسمبر 2014 22:06
سربت بعض المصادر مؤخرا خبرا مفاده أن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز تهجم على نواب البرلمان، ووصفهم ب "البشمركه" ونسبت تلك المصادر لرئيس الجمهورية اتهامه للبرلمانيين بابتزاز الوزراء للحصول على مصالح شخصية، ومضت تلك المصادر لتنسب للرئيس قوله لوزرائه أن يضربوا صفحا عن ابتزاز النواب.
واليوم تداولت نفس المواقع أخبارا عن تهديد نواب الحزب الحكم في الجمعية الوطنية بحجب الثقة عن حكومة الوزير الأول يحي ولد حدمين، واعتذار الأخير لنواب حزبه، أخبار كلها تثير الاستغراب، ولا يصدقها عاقل، فمتى كان نوابنا يجرؤون على فصل بواب من منصبه، أحرى على حجب الثقة عن حكومة عينها رئيس الجمهورية، وليس هذا انتقاصا من مكانة البرلمانيين، لكن الأعراف الديمقراطية عموما تقضي بأن يدعم نواب الحزب الحاكم الحكومة، ويدافعون عنها، وإن كان ثمة نقد فسيظل داخل أطر الحزب، ولا يخرج للعن مطلقا، وفي موريتانيا تحديدا جرت العادة على أن يصوت النواب على دعم أي مشروع تقدمه الحكومة.
هذا فضلا عن أن رئيس الحزب الحاكم قادم من الحكومة، ورئيس الحكومة قادم من الحزب الحاكم، حيث كان الوزير الأول ولد حدمين يشغل منصب أمين تنفيذي، وهو رجل محنك سياسيا، ولديه خبرة واسعة في الميدانين: السياسي، والإداري، ومن السذاجة تصديق أنه قد يرتكب أخطاء من قبيل تجاهل نواب حزبه، أو تهميش دورهم، وهو الذي ساهم بشكل كبير في انتخاب بعضهم خلال الاتخابات التشريعية الأخيرة.
لم يمض على تشكيل حكومة ولد حدمين سوى مائة يوم ونيف، وقد ركزت خلالها على العمل التنفيذي الميداني، في محاولة لحل مشاكل يومية تعترض المواطن في حياته، من قبيل حملة نظافة العاصمة، وتدشين، وإطلاق مشاريع خدمية في مختلف أنحاء الوطن، وربما لم يكن لدى الوزير الأول ولد حدمين وقت كاف لتخصيصه لاستقبال البرلمانيين، الذين يعرف عنهم ولعهم باحتساء الشاي، وإسهاب الحديث في مواضيع ثانوية، من قبيل الانتخابات الماضية، وموسم الخريف، وحتى القضايا الشخصية، داخل المكاتب المكيفة، وهي مواضيع لدى الحكومة الحالية ما هو أهم منها بكثير، ولا يعني ذلك بالضرورة التقليل من دور النواب، أو الاستهزاء بهم على الإطلاق – كما قد يفهم البعض، ويسوق البعض الآخر-.
ولكن يبقى السؤال مطروحا: لمصلحة من تعكير صفو العلاقة بين نواب الحزب الحاكم من جهة، ورئاسة الجمهورية والحكومة من جهة أخرى ؟ ثم هل منح البرلمان ثقته للحكومة الحالية حتى يحجبها عنها ؟ .
وهل تسريب مثل هذه الأخبار " مكيدة " سياسية، من جهة ما، تشبه إطلاق النار من مصر مجهول؟، أم أن الأمر مجرد خبر من أخبار المواقع الإلكترونية، التي تنقل دائما عن مصدر موثوق، لكنه أيضا مجهول ؟.
في خطاب توليه منصب رئاسة الحزب الحاكم أكد سيد محمد ولد محم أن توطيد التعاون بين الحزب، والحكومة سيكون من أولوياته، لذلك يبدو مستغربا الادعاء بأن علاقة الطرفين ليست على ما يرام.
من المعروف أن البرلمان له دور تشريعي، ودور رقابي، والملاحظ أن البرلمان يمارس هذين الدورين بشكل كامل، ومستمر، فحكومة ولد حدمين – رغم قصر عمرها حتى الآن- مثل العديد من أعضائها أمام الجمعية الوطنية، وتعرضوا للمساءلة، ما يجعلنا نتساءل عن أوجه تهميش البرلمان التي يتحدث عنها البعض.
إن محاولة التشويش على البرلمان، والحكومة في بداية مأموريتهما هو في النهاية محاولة للتشويش على رئيس الجمهورية، بعد أن انتهى الجدل حول الانتخابات الأخيرة، وبدا أن الحديث عن شرعية تلك الانتخابات، والاعتراف بنتائجها بات متجاوزا.
إن المتابع للمشهد الإعلامي المحلي يلاحظ بوضوح محاولات مستميتة من جهات ما لزرع البلبلة، وبث الشائعات السلبية عن رئيس الجمهورية تجاه الحكومة أحيانا، واتجاه قائد الجيوش، والقادة العسكريين أحيانا آخر، واليوم يأتي الدور على البرلمان ليكون عنوانا لتلك الشائعات المغرضة المنسوبة لرئيس الجمهورية، وكأن هؤلاء يريدون خلق انطباع بأن الرئيس غير راض عن أي مؤسسة، ولا أي مسؤول، فهو منزعج من الحكومة، وغير راض عن نواب البرلمان، وغاضب من قائد أركان الجيوش- كل ذلك بنظر هؤلاء-.
فأي عبثية هذه، التي يراد لنا أن نقرأ، ونصدق؟ ثم ألا يجد رئيس الجمهورية طريقة للتعبير عن غضبه من مسؤول، أو مؤسسة غير صفحات تلك المواقع، وهو الذي يمتلك كامل الحق في إقالة الحكومة، وحل البرلمان، وتعيين القادة العسكريين؟!
سعدبوه ولد الشيخ محمد