ازويرات: مدينة المناجم، والأزمات..(تقرير)
- التفاصيل
- المجموعة: تقارير
- نشر بتاريخ السبت, 31 كانون2/يناير 2015 21:48
على مدى عقود طويلة ظلت مدينة ازويرات هادئة، ومستقرة، هدوء لا يخرقه سوى أزيز قطارها الأطول في العالم، الذي يواصل دون كلل نقل خام الحديد إلى انواذيبو ومنه إلى العالم، شركة الصناعة والمناجم (اسنيم) اسم يعرفه كل سكان ازويرات، وربما أكثر من معرفتهم للدولة، ومرافقها، حيث تعتبر اسنيم البقرة الحلوب لسكان الشمال على مدى عشرات السنين.
لكن خلال السنوات الثلاثة الماضية أصبحت مدينة ازويرات تتصدر عناوين الأخبار، أخبار تبدو متناقضة في مضمونها، فمن جهة تأتي أخبار الأرقام الاقتصادية القياسية التي تحققها "اسنيم" ومن جهة أحرى تتعالى أصوات العمال محتجين، ومضربين، وهم يقولون إن هذه البحبوحة التي تعيشها شركتهم على ألسن مسؤوليها لم تنعكس على واقعهم، من حيث الأجور، والظروف العامة.
ومع تنامي الحس النقابي، والنضالي لدى عمال اسنيم أصبحت مدينة ازويرات لا تكاد تخلو من إضراب حتى تدخل في آخر، وقد بلغت تلك الاحتجاجات ذروتها يوم أحرق مقر الولاية، وانهارت السلطات أمام بضع مئات من العمال الغاضبين، قبل أكثر من سنتين، وقبل أسابيع فقط نظم بعص عمال ازويرات مسيرة راجلة، انتهت باعتصام على مشارف انواكشوط استمر أكثر من شهر، وتوج باتفاق مع المشغلين برعاية وزارة الوظيفة العمومية.
واليوم تعود أحبار الإضراب القادمة من ازويرات لتتصدر عناوين الأخبار، إضراب يبدو هذه المرة أكثر شمولية، وربما إيلاما، وتأثيرا على الشركة الأكبر في موريتانيا، "اسنيم" والخطير في هذا الإضراب الأخير أنه ولد أزمة أخرى مع السلطات الإدارية والأمنية هذه المرة، فالعمال يريدون الاعتصام بعد الإضراب، والسلطات تحاول منعهم من ذلك، فما الذي جعل الأمور في ازويرات تشتعل من جديد؟؟
في محاولة الإجابة عن هذا السؤال تتبادر إلى الأذهان عوال متعددة، أبرزها ما يلي:
أولا: شعور العمال بالغبن، وكون الشركة تحقق الأرباح على أكتافهم، ويتقاضى مديرها وكبار الموظفين رواتب خيالية، ويتحدثون في الإعلام عن الأرقام القياسية، بينما يعيش العمال أوضاعا صعبة، وهو ما لم يعد مقبولا لدى العمال.
ثانيا: تنامي الحس النقابي لدى العمال، بسبب الانفتاح الإعلامي، ووعي العمال بحقوقهم، ما صعب من إمكانية الضغط عليهم، وإخضاعهم، فالعمال لم يعودو يرضون بالفتات، ولجوء الشركة إلى حلول مؤقتة، وجزئية زاد من الاحتقان.
ثالثا: دور السلطات الإدارية في المدينة، فرعم أن الوالي غير مسؤول بشكل مباشر عن مشكلة بين شركة، وعمالها، إلا أن كل شيء يحدث في الولاية يلعب الوالي فيه دورا كبيرا، ويرى المراقبون أن تعيين وال شاب، عديم الخبرة على رأس ولاية مثل تيرس الزمور يعتبر خيارا خاطئا، فالوالي حديث العهد بالإدارة، يبدو مرتبكا، وغير واثق من نفسه، وبالتالي من قراراته، ما جعله يقدم رجلا، ويؤخر أخرى، وتلك أقبح صفة يتصف بها الحاكم، وهاجس الإقالة يبدو مسيطرا على الوالي، الذي يتصرف بطريقة المراهق إداريا، وربما هذا ما يفسر تنامي الأزمات في الولاية مؤخرا، فكل أزمة تتولد منها أخرى، بدل إيجاد حل لها.
ويرى بعض المراقبين أن الحلول تكمن في إشراك العمال في خيرات وطنهم، وشركتهم، بدل قمعهم، وتعيين وال جديد لتيرس الزمور، يمتلك الخبرة، والحنكة لإدارة هذه الولاية، الصغيرة بعدد سكانها، والكبيرة بحجم ثقلها الاقتصادي.