عندما يختلط الخيال الأدبي بالطموح السياسي..!
"إننا ندعو الشعب الموريتاني إلى احتلال البرلمان في إطار هبته الوطنية ضد المساس بالدستور!".. هذه الفقرة من بيان أصدره ما يسمى "رباط الجهاد السلمي" وكما هو واضح من الفقرة، وتسمية هذه الحركة فإن التنافر في الألفاظ، والتناقض في المعنى يبدو جليا، فمصطلحي "الجهاد" والرباط" كلاهما يحيل على الفعل، والقوة، والمقاومة، ووصفهما ب"السلمي" لا يستقيم، ولا يبدو منطقيا، إلا إذا كنا نتحدث عن خيال الأدباء، وليس عن واقعية السياسة، فهذا البيان الأول بعد بيان تأسيس هذه الجبهة لا يبدو موفقا على الأقل في اختيار مصطلحاته، ومفرداته، فمصطلح "احتلال" يحمل دلالة قدحية، وكان ينبغي استخدام مصطلحات أكثر شرعية، - طالما أنهم يتحدثون عن الشرعية- من قبيل الاستيلاء على البرلمان، أو دخول البرلمان، أو السيطرة على البرلمان، بدل احتلاله، فمن يرفع شعار الجهاد، والرباط، لا ينبغي له أن يدعو للاحتلال!.
ثم أين كان هؤلاء "المجاهدون، المرابطون" طوال ثمان سنوات من حكم ولد عبد العزيز ؟؟ هل كان محمد ولد عبد العزيز خلال هذه السنوات عمر بن عبد العزيز، وتحول فجأة إلى دكتاتور ظالم، يدمر البلاد والعباد..؟ أم أن صحوة ضمائر هؤلاء جاءت متأخرة، وما الذي أيقظها في هذا التوقيت بالذات..؟..!!.
إن دعوة البعض لاحتلال البرلمان تنم عن يأس، وإفلاس سياسي بين، فضلا عن كونها تعبر عن كفر بواح بأبسط أبجديات الديمقراطية، ألا وهو الحق في إبداء الرأي السياسي بكل حرية، أو ليس من حق البرلمانيين أن يقولوا كلمتهم بحرية، ويعبروا عن مواقفهم في تصويت سري على تعديل الدستور، ؟؟ وإذا كان البعض عجز عن إقناع غالبية الشعب بمواقفه، هل يبيح له ذلك احتلال البرلمان لمنع نواب الشعب من ممارسة حقهم الطبيعي، ولعب دورهم الدستوري..؟؟.
ثم.. من أنتم..؟ حتى توجهوا الأوامر للشعب..؟ بأي صفة تتحدثون، ومن تمثلون..؟!! أم أن خيال الأدب اختلط لدى البعض بالطموح السياسي، فراح يطلق مواقف "في الرياح" متناسيا أن لكل فن قواعده، ولكل مجال رجالاته، فالكتابة الأدبية قد لا تترجم بالضرورة في شكل مكانة سياسية، خاصة إذا كان الماضي السياسي، والوظيفي لا يسعف في ذلك.
من صفحة: الأستاذ سعدبوه الشيخ محمد على فيسبوك.