بين المحظرة وتمزيق المصاحف / افاتو بنت لمعيبس
انشغل الرأي العام الوطني بحادثة تمزيق المصحف الشريف، وتعطلت المرافق العمومية والمدارس، ومصالح الناس بسبب الاضطرابات التي رافقت الإعلان عن هذه الحادثة الأليمة والمدانة بكل لغات الدنيا..
ومحاولة منا لفهم الحدث لابد من التعرض للسياق العام الذي جرى فيه، فقد أعلن عن الواقعة عشية تدشين رئيس الجمهورية لفضائية "المحظرة" للقرءان الكريم التي ستبث للعالم الوجه الناصع لحضارة الشناقطة الإسلامية دون تزييف، فلا غلو ولا إفراط ولا تفريط.
حدث ذلك في حفل مهيب ضم جميع المدارس المحظرية وعلماء البلاد من شرقها لغربها، وأجمعوا بعبارة واحدة على مبايعة الرئيس ولد عبد العزيز على ما تضمنه كتاب الله وسنة رسوله.
يقول أحدهم باسم المشاييخ والدعاة والأئمة: "والله لو خضت بنا هذا البحر على هذا النهج لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد".
كما أن الإعلان جاء في الذكرى الرابعة لطرد سفير الكيان الصهيوني في موريتانيا في قرار تاريخي وشجاع هو الأول من نوعه في العالم العربي، وهو توقيت لايخلو من دلالة. وللقارئ أن يقرأ ما بين سطور الحدث.
تم الإعلان بالتزامن مع اختتام منتدى المعارضة للديمقراطية والوحدة، والذي لا تخدم توصياته بعض الأطراف السياسية المعروفة بشذوذها عن إجماع المعارضة، وطبعا نجحت حادثة "تمزيق المصحف" في احتلال صدارة الأحداث ليكون نبأ اختتام المنتدى في آخر ترتيب الأخبار الوطنية.
جاء الإعلان كذاك بعد فشل شعارات الرحيل وأصابع رابعة، في تحريك الشارع ليكون آخر ملجأ لإثارة عواطف الناس وتحريضهم على الخروج.
هي مجموعة من المعطيات التي يمكن للقارئ العادي الوقوف عنها بحثا عن ما ورائيات الحدث ودلالات توقيته الذي لايمكن أن يكون مصادفة فقط.
نحن هنا لا نتهم أحدا لكننا لا نستبعد كلا من الفرضيات المطروحة إلى أن يثبت العكس، فما من شك في أن الرئيس ولد عبد العزيز قد أمر بطباعة المصحف الشريف، وبناء أكبر مسجد في العاصمة، وتكلم بلغة القرءان في المحافل الدولية، و طرد سفير الكيان الصهيوني من عاصمة المرابطين أرض المنارة والرابط، وبالتالي هو أول رئيس وطني يسعى لترسيخ الإسلام والذود عن الثوابت الدينية والوطنية، ولن يألوا المشاكسون داخليا وخارجيا أي جهد في سبيل التشويش عليه، وعلى مسار التغيير البناء الذي اختطه لنفسه منذ أو وصل سدة الحكم عام 2009، والراسخ رسوخ المحظرة في ربوع شنقيط.
إننا إذ ندين بشدة هذا العمل الإجرامي، لنؤكد أن ثمة أيادي خفية تعمل على زعزعة الاستقرار والوحدة الوطنية، وهي الجهة الوحيدة المستفيدة مما حصل، وعادة ما يبحث خبراء الجنايات عن المستفيد من أي جريمة وهو أو المتهمين دائما بها.