لا تمنوا علينا من فضلكم ... / عال ولد يعقوب
عجيب أمر هذا البلد كل أحد يمن علينا فيه، فالحكومة تمن علينا ليل نهار بدكاكين "أمل" رغم أننا لا نشتري منها، وتمن علينا بدرء خطر الإرهاب مع أننا مرهوبون داخل بيوتنا و في شوارعنا،
و تمن علينا باستنزاف ثروات باطن أرضنا من طرف الشركات الأجنبية و عمالنا مفصولون منها بدون حقوق، و تمن علينا بالحرية وتقمع كل تظاهرة لا تخدم مصالحها، و يمنون عندما يحرقون الكتب أو يترشحوا لإنقاذ البلد أو استكمال مسيرة تطوره " المظفرة " ،كما يمنون عندما يدخلون في الحوار و حتى حينما ينسحبون من السباق قبل أن يبدأ.
النظام برصيده من العملات الصعبة يمن، وبما تم من الطرق و التجهيزات و الخدمات و بالماء و العلف يتبجح، و المعارضة تمن بأنها كشفت خيوط الفساد و ألاعيب النظام، ولذلك طالبت بالرحيل و قاطعت الانتخابات، و الفقهاء يمنون علينا بأنهم حملة العلم و ورثة الأنبياء و دعاة الهدى، والتجار يمنون علينا بما يجلبون من مواد و سلع رديئة أو منتهية الصلاحية وباهظة الثمن ،و البلدية تمن بسحب الجيف من الشارع و القبض على المواشي السائبة، و كأننا في بلد لا نملك فيه حقوقا وكل شيء فيه أصبح منحة و لم يعد حقا!
كثيرون هم أولائك الذين يتحدثون إليك ويقولون، لماذا تفعل كذا وتطالب بكذا وإن الدولة هي من صرفت عليك منذ صغرك وعلمتك وأرسلتك إلى الخارج للدراسة، ووفرت لك الرعاية الصحية والطرقات وغيرها من الخدمات؟
كفانا من فضلكم لا تمنون علينا بمصادرة آراءنا و نهب خيرات بلدنا أو بكتابة تاريخ ميلادنا...
أن يستفيد الفرد من حقه في الخدمات التي تقدمها الدولة ومن المال العام، لا يعني أبداً ألا يطالب بحقه، وحريته، وكرامته، وألا يطالب بالعدالة والمساواة وعدم التمييز، فكل تلك المطالب تأتي من أجل حماية المال العام أولاً وأخيراً، وحماية الدولة نفسها. فلا تمنوا علينا من فضلكم
عال ولد يعقوب