النذير الذي لا يصدقه أحد !! / الدكتور الشيخ ولد الزين
العلاقة بين الطب والسياسة شبيهة الي حد كبير بالعلاقة بين السياسة والدين فالدين طب القلوب والطب دواء الابدان والتداخل الحاصل بين الاثنين هو ما جعل السياسة تجنح في كل الاتجاهات فطورا يركبها الاطباء وطورا يمتطيها الفقهاء ...
الشاهد في هذا انه أنني أري من واجبي بيان أوجه الخلط والتسطيح التي
شابت مقال الدكتور الشيخ ولد حرمة ولد ببانة في مقاله الاخير
ولو لم يكن الكاتب هو ممن يجمع بين الأصالة والمعاصرة ومقالاته طافحة بالاستشهادات القرآنية والحديثية لما ساغ لنا أن نتتبع سقطات الكتاب ..
ولأن الكاتب في مقاله هذا دعا دعوة من تخلف عنها اعتبره من المخلفين القاعدين .
هذا ما جعلنا نري من الضروري التثبت من مدى صدقية تلك الدعوة، وهل لها من بينات أو شهود ؟!
وإذا كان الدكتور قد تحدث في مقاله الاول بلغة جزلة سلسة جميلة استغربها العديدون علي مثله ممن سكنوا ديار الغرب ودرسوا لغته الا أن تلك الغرابة تزول إذا عرف محتده ومنبته الاصيل...
الا أن مقاله الاخير وللاسف ظهر يتحدث بلغة شعبية سوقية مملة وبافكار لاكتها الالسن وشبعت منها بطون اكلة السحت ومسعرو الحروب ؟.....
وللامانة العلمية فان
الافكار التي جاءت في مقاله يتقاسمها معه الكثير من النخب لكن لغتها كانت سوقية تصلح لمهرجان شعبي لا تصلح لمقال علمي يراد منه اقناع من لم يكونوا معه في خط ...
وتحريك همم يراها متقاعسة عن التحرك من اجل انقاذ البلاد من مستقبل مجهول !..
فهل ودعه شيطانه ام ان لغة الضاد استحالت الي عامية مكتوبة بأحرف الضاد.؟
ظهر الدكتور في مقاله منذرا لقومه من خطر داهم فكانه دريد بن الصمة :
نصحت لعارض وأصحاب عارض ورهط بني السوداء والقوم شهدي
منحتهم نصحي بمنعرج اللوي فلم يستبينوا النصح إلا ضحي الغد
غير أن الوحل الذي وقع فيه كما وقع فيه من قبله العديد من النخب السياسية يكمن في صدود الناس وعدم تصديقهم !!!
قد يكون صادقا فيما يراه خطرا وقد يكون صحبه صادقين كذلك ..
لكن حالهم
كحال الرجل الذي كذب على قومه مرات ثم أنذرهم بجيش داهم عليهم يريد أن يهلكهم فلم يصدقوه وظلوا علي حالهم حتي داهمهم العدو فصاح قائلا يا ويح لقد اهلك قومي كثرة كذبي عليهم ،!،،.،
يصدق هذا المثل علي كثير من هذه النخب ان لم يكن اغلبهم ؟!
الم يكن اغلب هذه النخب ضالعا فيما يراه فسادا ؟
الم يكن اغلب هذه النخب شارك من قريب أو بعيد في أنظمة سابقة لا يحن اليها الشعب في هذه الآونة ؟
لا يجوز في منطق الاخلاق والقيم ان نكون انصارا اليوم واعداء يوم غد متحولين كحال سعاد تلون في أثوابها كما تلون في أثوابها الغول ...
وقد
جاء في الحديث الشريف قوله صلي الله عليه وسلم [ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه ابن السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه الا لدنيا فان أعطاه منها رضي وإن لم يعطه سخط ....تمام الحديث في صحيح البخاري )
ان معايير الولاء والمعارضة يجب ان تكون علي معايير اخلاقية ومعيارية لا أن تكون لمعايير عشوائية متغيرة بحسب العطاء والمنع
وعلى الرغم من ان طبيعة الانسان تجعله يحب ويبغض بحسب ذلك كما قال الشاعر
اذا لم يكن للمرء في دولة امرئ نصيب ولا حظ تمني زوالها
وما ذاك من بغض غير أنه يرجو سواها فهو يهوي انتقالها
غير ان ذلك لا يمكن أن يكون معيارا توزن به الانظمة بحسب الزمان والمكان .؟
و إذا كان المعيار هو ذلك فإن فئات اجتماعية كثيرة ومجموعات بشرية ليست بالقليلة وجدت في هذا النظام ما لم تجده في غيره؟
ان محب الوطن شبيه الي حد كبير بحال تلك الام التي سرق منها ولدها ولم تجد شهودا فاراد القاضي ان يقسم ابنها نصفين نصف لها ونصف للسارقة فصاحت في وجهه لا تفعل انه ولدها فعرف القاضي انها الام الحقيقية ولا تريد تقسيم الابن حتي لو ظفرت به تلك الغاصبة السارقة ...!
هذا حال من يحب وطنه لا يريد له مكروها مهما قل نصيبه
إن الخوف علي السفينة من حق الجميع لكن الخرق الذي لا حظتموه قد يكون حفاظا عليها حتي لا يأخذها ملك يأخذ كل سفينة غصبا!!
لا يمكن تحميل النظام حال الامة اليوم ، فالتطرف الحاصل في جميع مفاصل المجتمع خطير كل الخطر علي الشعب قبل الدولة لكن جزءا كبيرا من ذلك تتحمله نخب كثيرة تريد حرق السفينة ومن عليها !!
إن كل مواطن مخلص لبلده يشاهد ما تجره التجاذبات السياسية من ويلات علي البلاد لا يمكنه الترويج لما يحاول الدكتور الترويج له
ما ذا نغعل إن كانت الطبقة السياسية قد تآكلت مصداقيتها وأصبحت تعاويذها ومسيراتها لا تعني شيئا بالنسبة للغالبية العظمي
من الشعب ؟
ما ذا نفعل ان كانت حجج هؤلاء لم تعد تقنع شركاءهم من الغرب؟
ما ذا نفعل اذاكان الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد صدقته الجماهير وما زالت تصدقه ؟
هل علينا إذن ان نقلب الطاولة علي الوطن خوفا من نجاح فلان اوعلان ...
فهل هذا
يصلح معيارا ؟
أو يكون باي حال من الاحوال دليلا علي صدقية حب الوطن ...!!
واخاف ان يصدق حينئذ قول القائل إن من الحب ما قتل !،،
انواكشوط 14 مايو 2014
الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام