لجأوا إلى موريتانيا هروباً من القتال الدائر في بلدهم .حمودي/ حمادي.
صورة تخدم النصلأن بلدهم لم يعد موجود و لأن الحياة فيه باتت شبه مستحيلة و لا تتوفر على أي مستلزمات الحياة , و لأن بلدهم أصبح لا يعرف إلا لغة السلاح و لأن نيران الربيع العربي الذي فشل لم تخمد , طروا إلا أن يتركوا وطنهم و يبحثوا عن ملجئا لهم في هذا العالم الكبير و قد أخذهم القدر إلا بلد سمعوا بأن أهله كرماء نبلاء شرفاء يعرفون بالكرم و الجود و حسن الضيافة كما يقول التاريخ , أخذتهم الأقدار إلا بلد كثرت فيه ظاهرة التسول , و أصبحت مهنة يمارسها الرجال و النساء و هم في أحسن حال كمدخل مادي يعود على صاحبه بالمنفعة, ليجدوا أنفسهم على قارعة الطريق في مدينة من أبسط مدن العالم , مدينة صغيرة يقدر سكانها ب3 ملايين ساكن , مدينة أهلها يحلمون بغد مشرق بالعدل و المساواة.
بين التسول والتعرض للتحرّش والإقامة في أماكن غير لائقة وغياب العمل الخيري التطوعي ، تتواصل معاناة السوريين الذين فروا إلى موريتانيا هرباً من القتال الدائر في بلدهم. ومع صمت السلطات الموريتانية تجاه معاناتهم الأسر السورية، تعلو أصوات الحقوقيين ومطالباتهم بضرورة إيجاد حل سريع لهؤلاء اللاجئين.
حال اللاجئين السورين في موريتانيا لا يختلف عن حال أي لاجئ في دولة من دول العالم , لكن اختيار الأسر السورية لموريتانيا لم يكون هباء , بل أختارها لأنها بلد عرف بالدين و المعرفة و الطيبة و حسن الضيافة لأنهم يحسبونها بلدهم الثاني الذي إذا أحتاجه لجئوا إليه وهم مطمئنون بأن هناك من سيستقبلهم في بيته و يقاسهم الألم و يخفف من معاناتهم , لكن ذلك لم يحدث رغم وجود الأيادي الخيرية و رغم وجودهم في بلد مسلم يعلم ما في الصدقة من أجر و ما لها من فضائل.
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } صدق الله العظيم
و أنت تتجول في العاصمة تمر بأطفال في عمر الزهور تحت أشعة الشمس القارسة و البرد الشديد , و لسان حالهم يقول " نحن أخوانكم السورين " ليذكرونا بآلامهم و أنهم من ذلك البلد الجميل الذي دمرته الحرب , لم يرحل بشار و لم تعد سوريا , شعب تمرد على السلطة فدمرت بلده , ليجأ للبحث عن بلد آخر له, فلن نكون نحن بلد و أخوة لسوريين , و هل يجوز أن يظلوا في الشارع يواجهون الجوع و البرد في بلد مسلم , و هل سنقاسمهم الألم و المعاناة ؟
لكل شعب معاناة و معاناة هؤلاء في لجوئهم لموريتانيا , يرسمون معاناتهم على قارعة الطريق و في الأسواق و أمام المؤسسات و إدارات العمل , عسى أن يجدوا من يقاسمهم الألم و يكون الصدر الحنون لهم , ألا يكفي أنهم أطفال في عمر زهور ألا تكفي براءتهم , أين إنسانيتكم أين ضمائركم أين دينكم الحنيف , الذي علموه لكم أجدادكم.
كنت أظن أن الدولة إذا تجاهلت القضية أن الشعب له كرامة و إنسانية و لن يتجاهل هذه القضية الإنسانية , ماتت إنسانية العالم , و مات شرفائه , كما كنت أظن أن الجمعيات الخيرية المتناثرة ستقوم بعمل مخيمات و ملاجئ لسوريين تقيهم حرارة الشمس و برودة الشتاء , لكن الأيام أثبتت أن لا حياة لمن أنادي , فهذه مجرد جمعيات لجمع المال و امتصاص قوة الشباب في أعمال ترجع عليها بالمنفعة.
فمتى نكون أمة واحدة , نطعم الفقير و نكسوا اليتيم و نعالج المريض , هذا العالم لم يعد يعرف ما يسمى بالإنسانية و العاطفة , هذا العالم بدا على شبه غابة القوي يأكل الضعيف , هذه البراعيم البريئة لم تجد بعد من يقيها برودة الشتاء " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " صدق الله العظيم.
ماذا لو كانوا أبنائكم أو بناتكم , ماذا لو كنتم أنتم , لا تعلم ماذا يخبأ لك الغد فكن عونا لأخيك " لا يتم إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " كثيرة هي الآيات و الأحاديث التي ورد فيها مساندتنا و مساعدتنا لأخوتنا في الإيمان فأين أنتم من معاناة السوريين.
لنثبت للعالم أننا لسنا أنانيين و لسوريين بالأخص و لنثبت لهم أننا أخوة لهم ووطنا لهم و ملجئا لهم و دفئا لهم و صدر حنون لهم و لي أبنائهم , لنكمل لهم تعليهم و نمسح دموعهم و نخفف معاناتهم ولنقول لهم بأن العالم بخير و أنه مهما يحدث فهناك خير و بشرى , فأمسح دمعتهم و أبعث فيهم الأمل و البسمة بإعطائكم لهم الصدقة و بدعاء لهم نادي عليهم , أعطف عليهم , لا تدعهم في حيرة من أمرهم وقد جعلوا فيكم الأمل يا معشر المسلمين أين أنتم ؟ يا من تؤمنون بالله و رسوله و اليوم الآخر أين أنتم ؟ يا من ترجون مغفرة ربكم أين أنتم ؟ يا من تنفقون ما بيمينكم في سبيل الله أين أنتم ؟ يا من يرجون رحمة ربهم أين أنتم ؟ يا خير أمة أخرجت للناس أين أنتم ؟ أين أنتم لضعفهم و لعجزهم ولحرمانهم من أشياء كثيرة يتمتع بها غالبية الناس يا أين زعماء العالم, أين ذهبت إنسانية العالم؟
سلبت منهم طفولتهم , أحلامهم , بلدهم , حتى ابتساماتهم سلبت حتى ثيابهم سلبت حتى شرفهم فأين المسلمون , يا من تقول لا إله إلا الله , أنفق قبل أن يأتيك الأجل , أنفق لآخرتك على أخوة السوريين لتقارن نفسك بهم ولو للحظة , هل فكرت ولو للحظة كيف يقضون يومهم ؟ و أين ؟ تحت أشعة الشمس و برودة الشتاء فأين أنت أخي المسلم.
لا قريب لهم و لا أخوة لهم , يلجئون إليه , تركوا بلادهم و جاءوا إلينا لنسعدهم لنشاركم و نقاسمهم ما نملك من لقمة العيش و من الملابس من المؤهلات و مستلزمات الحياة , حتى الإعلام و الإعلاميون تجاهلوا وجودهم معنا يذكروننا بمأساتهم مع شروق شمس يوم جديد , حتى أصحاب الضمائر الحية تجاهلهم , حتى الجود و الكرم تجاهلوهم فأي بلد هذا الذي لجئوا إليه ؟.
أخوتي علينا جمعيا أن نتعاون و نتعاطف مع لاجئين السوريين و نقدم لهم مساعدات مادية و معنوية لتخفيف من معاناتهم و لنبني لهم ملجئا يسكونه و لنكمل لهم حياتهم و دراسة أبنائهم , و لنكون حيث أمرنا رسول الله عليه الصلاة و السلام " فلا يتم إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ماذا ستقول يوم لا تنفع نفس لنفس شيئا.
و لأن الحكومة تجاهلت هذه القضية ,ومعاناة لاجئين السورين فأننا نطالب بتعاطف و التعاون مع أخوتنا السوريين في موريتانيا و بلدان العالم بصفة عامه , و غياب دور المنظمات الخيرية التي طالما كانت سباقة إلى الخير فإننا نطالب بتوفير أماكن للاجئين و تقديم مساعدات لهم و ذلك كما جاء في الدين الإسلامي , و لأننا بلد مسلم واجبنا مساعدة أخوتنا المسلمين.
تذكّروهم و لو بالدعاء 50 ألف لاجئ سوري يعيشون في أجواء مناخية و اقتصادية سيئة جداً.
جسم صغير يكاد ان لا يرى من كثرة الملابس حتى ولو كانت ممزقة ولكنها محاولة من أمه حتى تدفئ جسده,عينان جميلتان وقلب لا يعرف إلا الخفقان..ورقة في شفتان زرقاوتان ....وتلك اليدان الحمراء والأظافر المزرقة ..ونظراته الخاطفة لامه التي لا تدري ماذا تفعل ..... إلا البكاء وتأخذه إلى صدرها وتحاول أن تخفف ذلك الخفقان على قارعة شوارع نواكشوط فكن لهم عونا و نصيرا و أخا و أبا أعطف عليهم أسقيهم أحضنهم حاول أن تتكلم معهم , قاسمهم فرحك و نجاحك إن استطعت لا تهرب منهم و تخافهم , فالذي أعطاك يعطيهم " وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ "
فليسقط العرب، فلتسقط العروبة، فلتسقط جميعها متفرقة تحت أقدام طفل سوري يرتجف برداً في شوارع نواكشوط المخيفة.
و الله لا يضيع أجر المحسنين
