القائمة الحقيقية أو المزيفة للصحفيين العملاء؟ / المامي ولد جدو
ظهرت قائمة 27 إعلاميا مجندا ، مدانا بالتخابر مع النظام والارتزاق، وتؤكد على أواصر العلاقة المشيمية التي تربط أغلب الصحفيين بالقصر، والداخلية، والأمن، حيث يعمل هؤلاء على تمويه الطبقات الشعبية، ببعض الأمور الجانبية، والتفاصيل التي تشتت انتباههم وتجعلهم يتابعون أخبار الأشخاص، مسراتهم، وأحزانهم، ترقياتهم، ويؤولون أخطائهم.
ويضخمون أعمالهم العادية، ويسايرون القرارات المفاجئة والخاطئة، والمراسيم التي يتخذها النظام، و يعتبرون أن زيادة أسعار الأرز والزيت أمر طبيعي، وتدني مستوى التعليم أكثر من عادي، وتدهور قطاع الصحة ناتج عن جهل المواطن، ووضع الثقة في غير محلها تشريف، والأدهى والأمر أنه يتم اختيارهم لمحاورة الرئيس، في مسرحية مباشرة مع الشعب. بدل الحديث عن المؤسسات، ومحاسبة القطاعات الحكومية على أداءها، وحتى الصحافة الساخرة -في رأيي- هي متمالئة مع الأنظمة الفاسدة والدكتاتورية لأنها ببساطة تحول مأساة المواطن إلى ملهاة. ويختلف الأمر عن دفاع الصحفيين عن آراءهم الخاصة، أو التعبير عنها والتشبث بها، لأن الأمر يعتبر تمسكا بخط معين ومناصرته بصورة مبدئية، لكن الارتزاق على حساب معاناة المواطن، وعلى أكتاف المحررين البسطاء أمر مثير للاشمئزاز والتناقض. اللائحة التي صدرت اليوم قال رياض بأنه لم يصدرها، معتبرا بأنه لم يعط الضوء الأخضر لظهور التشكيلة الأساسية حسب رأيه، ولكنه لم يقل بأنها مزيفة، الشيء الذي يشير إلى وجود "أقلام" ضمن التشكيلة الأساسية لعملاء النظام. وقد طالب القراء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي -الصحفي الشريف- ولد أحمد الهادي بنشر اللائحة وإلا اعتبر هو الرقم 28. لقد وضع الرجل نفسه في ورطة، حيث أنه فتح الباب أمام التأويلات، والافتراءات، التي قد تخطئ أو تصيب كبد الحقيقة. وربما يتم التحضير لاغتياله إعلاميا، بسبب ما تسبب فيه للبعض من قلة النوم، والإزعاج، إلا أن آخرين ممن لهم جلود كجلود التماسيح لا يعنيهم الأمر في شيء، بل يعتبر وسام شرف بالنسبة لهم لأن ما يهمهم هو المردود المادي وقد حصلوا عليه، ولتذهب الغوغاء إلى الجحيم. كما يخشي آخرون في الوقت ذاته من وجود مساومات بين الصحفي وجهات قد تضغط عليه لعدم فضح هؤلاء، الذين يعتبر "جل" بعضهم "مدبوغ" من كثرت الشبهات، إلا أن التقديم للائحة بتلك الطريقة وظهورها لاحقا سيجعلهم يتفحمون. الخبر الذي تم نشره اليوم ، ليس محاكمة نهائية، وهو قابل للاستئناف على أية حال، ويعتبر البعض أنه فيه "الكيط"، بمعنى أنه استثنى آخرين يتعاملون مع السفارات الأجنبية، كما أنه لم يتطرق للمجندين من قبل المعارضة "بشقيها". مرسوم رياض أو اللائحة رقم: 27 كشفت-على أية حال- أن الصحافة أضحوكة في مسرح عبثي، بدل لعب دورها، في التوعية، والتثقيف، ومحاسبة الحكومة، وفضح الفاسدين، و كشف الأمور التي لا ترغب السلطة في كشفها في حدود المهنية الإعلامية. فمع ظهور الصحافة المستقلة حاول أصحاب المخزن، والمستفيدين منه، لجمها على طول الخط، حتى تكون أداة طيعة في أيديهم، يتم توظيفها لتشويه الأنظمة التي انتهت صلاحيتها بالنسبة للعسكر، و تصفية الحسابات داخل أروقة الدولة العميقة، وتهيئة الانقلابات العسكرية، وتستخدم للضرب تحت الحزام، ونشر الأباطيل، وترويج "أسواق"، وتبادل الشتائم، وتمجيد القبائل، والرفع من شأن أشخاص، أو التقليل من شأن آخرين. كما تتحول في بعض المواسم، لسوق عكاظ، حيث تنتشر التقارير المديحية، والأهازيج الإخبارية، وتجعل من أشخاص نكرة، عباقرة ومخترعين عظماء. وهذا ما توصل إليه مسئول تحرير موقع أقلام الذي أعلن عن معلومات تدين 27 صحفيا بالارتباط بالمخزن، عبر تلقي الامتيازات، واستلام الدعم الخاص، وربما رواتب منتظمة تساعدهم على توجيه الرأي العام نحو المتاهات، و الازقة الضيقة، حتى يضمن استمرار يته أطول فترة ممكنة. هؤلاء تلبسهم الدولة العميقة أزياء خفية مع بعض الرتوش، والمساحيق، التي تبقيهم دوما في خدمته، محافظين على مصالحه، مشتتين انتباه الطبقات المسحوقة. وكان القارئ في شوق لوضع الحبر السحري على الورق، حتى تظهر تلك الأسماء، أو الأقلام، والتسجيلات الصوتية، للذين أساءوا لصاحبة الجلالة، وأساءوا لوطنهم وشعبهم، قبل إساءتهم لزملائهم ولـأنفسهم. لأنه إذا لم يكشف عن تلك الأسماء فسيظل المصدر الذي أعلن عن حيازته للائحة، عرضت للخطر والتشويه، والاغتيال الإعلامي، من المرتشين، المتمالئين مع المفسدين ضد مصالح الشعب، الذين يروجون لأشخاص متعفنين، فاحت رائحتهم الكريهة بسبب التمتع بأموال المواطن المغلوب على أمره. تحديد الفترة الزمنية أراحت بعض "المخزنجية" المعروفين في الوسط الصحفي، ممن يسمون "بالمستثمرين"، وتعني تلك الفترة أن حقبة ولد الشيخ عبد الله وما بعدها هي التي تورط فيها هؤلاء، وتلطخت صحفهم بالإساءة للأمانة الإعلامية والشرف الصحفي. و ربما لم يكن رياض بحاجة للكشف صراحة عن المستور، وتسمية الأشياء بمسمياتها، لأننا نعرف كل أولئك، و لا تستطع الأقنعة أن تخفيهم، فنحن قبيلة واحدة تسمى قبيلة الصحفيين، تظل تنتقد الآخرين على طول الزمن، وتتحسس من النقد، وتفضح في كل يوم مئات الأشخاص وعشرات المؤسسات، ولا تجد من ينشر غسيلها المتسخ