( الأدوار المعكوسة ) : وزراء يفضحون تسول نواب برلمانيين موريتانيين!
لم يعد سرا تسول بعض البرلمانيين الموريتانيين بشكل مقرف، و أحيانا مخيف،ذلك ما كشف عنه التنامي الخطير لظاهرة العنف البرلماني الأخير، بدءا بالتراشق بالكلمات البذيئة، مرورا بالعراك بالأيادي، وانتهاء – ربما- بإطلاق الأعيرة النارية، أو إشهار السلاح، كما حدث و يحدث في برلمانات أخرى مشابهة لحالتنا الموريتانية المفعمة بالتناقضات.
و رغم أن " الحصانة البرلمانية و التي هي نوع من الحماية القانونية التي يعطيها الدستور لنواب الشعب في البرلمان كنوع من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدي وظيفته الدستورية كاملة (كسلطة تشريعية)، بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب"، إلا أنها لم تعد تكفي -فيما يبدو- لهذا الغرض في عصر البرلمان الموريتاني الحالي الذي أصبح بعض أعضائه يلجون أساليب أخرى أكثر رعونة وعنفا للنيل من بعض الوزراء وإبتزازهم من خلال الضغط عليهم، بعدما نفذت لديهم كل أشكال استغلال النفوذ الأخرى لتحقيق مآرب شخصية أو مطامع مادية، ذلك ما كشفت عنه ردود أفعال و تصريحات وزيري التعليم العالي سيد ولد سالم، و البيئة و التنمية المستدامة آمادي كمرا ردا على النائبين اللذين - ضيعا وقارهما- للأسف عندما طرقا بيبان الوزراء لتحقيق مكاسب شخصية مفضوحة و مبتذلة.
كان الأمر سيكون مفهوما أكثر لو كان هذا التراشق أو العراك بين نواب من المعارضة و نواب من الأغلبية، أو بين وزير في الحكومة و نائب من المعارضة الناطحة، أما أن يحدث الأمر بين وزير و نائب يمثلان الأغلبية و يدافعان عن نفس البرنامج، فهو ما جعلنا نطلق عليه مجازا " الأدوار المعاكسة"
و نظرية الأدوار المعاكسة لما لا يفهمها نظرية سياسة حديثة تم اعتمادها باعتبارها نظرية مكملة لنظرية صنع القرار الجماعي.
و ملخص هذه النظرية أنه " إذا أخذت مجموعة سياسية ما في السلطة موقفا غير متوقع منها في قضية سياسية ما فإن خصومها السياسيين الكلاسكيين سيكونون في الغالب غير معارضين لهذا الموقف"، وهو ما يعني أن نواب المعارضة هم المستفيدون أكثر لأنهم كما يقول المثل " إلي را شواي ما ينحرك أيديه".
و مع ذلك فإن هؤلاء الذين أبتلي بهم شعبنا و حولوا قبة البرلمان التي هي مكان مقدس كدور العبادة إلى مكان للخصومات و العنف و العدوان، وهو أمر مرفوض طبعا ينبغي ردعهم و تشكيل مجلس برلماني مختص للنظر في أخلاقيات و وسلوكيات " نوابنا الموقرون "لكي لا يتطور هذا العنف البرلماني إلى حالة مرضية معدية قد تصل إلى إشهار السلاح، و إطلاق النار الذي بات أسهل الطرق لحل النزاعات و الخصومات في موريتانيا الجديدة.
حفظ الله موريتانيا و أهلها.
عال ولد يعقوب