عشر سنوات من المنفى.. لماذا لا يعود الرئيس ولد الطايع إلى وطنه ؟!
عشر سنوات بالتمام والكمال انقضت منذ غادر رئيس الجمهورية معاوية ولد سيد احمد الطايع انواكشوط، والسلطة معا، عشر سنوات، مرت خلالها موريتانيا بأحداث جسام، وتعاقب على حكمها أربع رؤساء، هم اعلي ولد محمد فال، وسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، والمرحوم با امباري، والرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، ومع ذلك ظل ولد الطايع الحاضر الغائب، غائب بجسمه، في منفاه الاختياري في قطر، لكنه حاضر في قلوب محبيه في موريتانيا، وحاضر بتجربته السياسية في الحكم في نفوس معارضيه، ومناصريه على حد سواء.
ولئن كان تقييم تجربة موريتانيا ما بعد ولد الطايع، أمرا بالغ الصعوبة، وشائكا، إلا أن الأمر البديهي، والسؤال المُلح، والبسيط هو: لماذا لا يعود الرئيس معاوية مُعززا مُكرما إلى وطنه؟؟ ألا تكفي عشر سنين كاملة لإزالة العقبات التي تحول دون هذه العودة؟ وهل هناك جهات ما تمنع ولد الطايع من العودة، أم أن الرجل لا يرغب أصلا في العودة لبلاده؟؟.
عشر سنوات، وعشر رؤساء تقريبا حكموا موريتانيا، جميعهم موجودون داخل وطنهم، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، الرئيس المؤسس المرحوم المختار ولد داداه دُفن بضواحي بتيلميت، والرئيس المرحوم با امباري دُفن بقريته " والي" وبقية الرؤساء أحياء يرزقون، متعهم الله بطول العمر، والصحة، فقط وحده الرئيس معاويه هو من يوجد خارج وطنه منذ عقد من الزمن، لماذا لا يعود ليستمتع بموسم "الكيطنه" في واحات آدرار الجميلة، أو يتنزه في ربوع موريتانيا الساحرة في موسم الخريف؟؟.
لا نريد هنا أن نتحدث عن الإطاحة بالرئيس ولد الطايع، وهل كان ذلك أمرا لا بد منه لإنقاذ موريتانيا من المجهول، أم أنه قرار خاطئ لا تزال البلاد تدفع ثمنه، لا نريد الخوض في ذلك، ما نود التركيز عليه هو الجانب الإنساني، فولد الطايع خدم بلده، عسكريا، ومدنيا، اجتهد في الحُكم، أصاب، أو أخطأ، أو بالأحرى، أصاب، وأخطأ، كباقي الرؤساء، له ما له، وعليه ما عليه، لكنه في النهاية يبقى ابن موريتانيا، ومن العار أن تستضيفه دولة أجنبية كل هذه السنين، ولا يعود إلى بلده، فهو في جميع الأحوال ليس أكبر جُرما، ولا أعظم إثما من رجال قادوا انقلابات دموية، قُتل فيها مواطنون موريتانيون، وآخرين ارتكبوا جرائم بحق الوطن، وجميعهم يسرحون ويمرحون اليوم في موريتانيا، يركبون أرقى السيارات اليابانية رباعية الدفع، ويتزعمون أحزابا سياسية، ويسكنون قصورا، ويُحاضرون ليل نهار عن الديمقراطية، والوطنية، ويمارسون رياضة المشي في الملعب الأولمبي، أو شارع المطار.
إن علينا أن نتحرر من عُقدة الماضي، ونتخلص من مبدأ ( كلما جاءت أمة لعنت أختها) فحتى الرؤساء الذين ارتكبوا الجرائم في حق شعوبهم، وقتلوا منهم الآلاف، نجد في بلدانهم مطارات تسمى باسمهم، أو جامعات، أو ساحات عمومية، فهم أبناء هذا الوطن، وجزء من تاريخه، شاء من شاء، وأبى من أبى، أما الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع فهم سليل أسرة طيبة، ومن قبيلة كريمة، وعلينا أن نسعى ليعود إلى موريتانيا، حتى لو لم تكن تلك رغبته في الأصل، فجميع السياسيين في البلد اتفقوا على مبدأ (عفا الله عما سلف) وإلا فإن كثيرين سيهربون إلى المنافي، والملاجئ إذا تم نبش الماضي، والمُحاسبة على أخطاء فترة حُكم ولد الطايع.
أنا هنا لا أدعو لأن يمارس معاوية أي دور سياسي في البلد، مع أن ذلك حقه الكامل، وهو من يقرر بشأنه، إنما أدعو لمصالحة حقيقية شاملة، تُبعد الأحقاد الشخصية، وتسمح لهذا الشعب بالاستفادة من تجربة جميع أبنائه، رؤساء، ومرؤوسين، معارضين، وموالين، فكلهم أبناء موريتانيا، إن كانوا يستحقون التكريم فيجب أن تُكرمهم موريتانيا، وإن كانوا سيعاقبون فليكن العقاب وطنيا.
معاوية الخير . عُد، فعشر سنوات تكفي.
بقلم: سعدبوه ولد الشيخ محمد