كيف أقرأ فضيحة التهذيب؟ غالي ولد الصغير
أن تعيش في ظلّ دولة القانون فتلك نعمة؛ وأن تكون تابعا لأحد أجنحتها ترفل بالعدل وتساس بالحق فأنت في سعادة؛تحسد عليها.
ليس من السرّ أنّ في كلّ وزارة من وزاراتنا أو مؤسسة؛ فيها زمرة تتصرف في قرارتها؛ وتسخّر أفرادها من أجل أغراضها الخاصة؛وتروّض ما يرد عليها من وزراء ومسئولين إمّا بالترغيب بالترقية والرشاوى؛ فإن لم ينفع ذالك معهم؛ فعصا الترهيب جاهزة بخلق مشاكل في قطاعهم؛ووضع متاريس جمّة أمامهم؛ وشيطنتهم من خلال فضح هفواتهم؛والتهويل منها حتى تحجب ركام الفساد الذي جنّ عليه الليل بالأمس؛وهو يغطي دهاليز تلك الوزارة أو الإدارة.
فوزارة التهذيب نموذج حيّ؛تعشعش فيه زمرة منذ أمد؛ تجمع في حوصلتها إداريين ومستشارين وبينهم عمال ظاهرهم بسطاء؛يقع على عاتقهم نظافة المكاتب وصناعة الشاي ؛لكن يمشي الوزير والأمناء العامّون عن الوزارة؛وهم باقون فيها؛ يزيد عمر بعضهم في الوزارة على العشرين؛يتزلفون لكلّ مقبل؛ويطبخونه مع أدنى حيلة.
هذه الزمرة لها اليد الطولي في تحويل الموظفين بين الولايات؛ولها اليد الطولي في ترقية الموظفين؛ولها اليد الطولي في رسم سياسة الوزارة؛ولها اليد الطولي في تحديد من يستفيد من البعثات الداخلية للوزارة بين الولايات؛ ولها اليد الطولي في قبول أو رفض مشاركة الوزارة في أيّ نشاط ثقافي دولي.
هذه الزمرة لا تعرف العنصرية ولا الجهوية ولا القبلية؛وهذه حسنتها الوحيدة؛ وإنّما تعرف فقط مصالحها الضيقة؛ورشاويها المعروفة؛مقابل حيلها السريعة في التحويل والترقية؛ ومن شاءت إضافته في ورشة أو مسابقة؛ مقابل منافع مادية أو معنوية بدون تردد تجيزه.
هذا الإخطبوط هو الذي شيطن الوزيرة نبقوه لمّا همّت بالاقتراب من مكمن الوجع.
هذا الإخطبوط هو الذي سهّل وشارك وخطط لفضيحة نسيبه 1 ؛ وسربها لأنه لم يستفد منها.
هذا الإخطبوط أخيرا هو الذي زكي و سرّب إلى الإعلام؛ وثائق تكشف تلاعبا في المشرفين على( تحدي القراءة 2016).
هذه الفضيحة قد يكون ورائها صراع محتدم بين أفراد هذه الزمرة؛امتدت شرارته إلى ساحة الإعلام ؛فكانت فضيحة نسيبه1 رصاصته الأولى؛وفضيحة (تحدي القراءة 2016) ردّة فعل إنتقامية عليها؛والأيام المقبلة سوف تكون حبلى بالتسريب ـ إن صدق الحدس ـ بسبب صراع هذه الزمرة النافذة؛والخاسر الأكبر سوف تكون وزارة التهذيب؛بسبب العبث بإسرارها.
أو هدف هذه الفضيحة تصفية أشخاص بعينهم؛ومحاولة تلطيخ سمعتهم؛وخاصة المدير الجهوي في إنواكشوط الجنوبية؛بعد ما عصا عليهم في الداخل؛ و كان جبلا شامخا يعلو على حفرهم في العاصمة؛ لقد استطاعوا أخيرا أن يجدوا له كبوة؛حين أغروه بكثرة لفيفهم الذي يلفّ كبوته من زمرتهم؛فأوقعوه في الفخّ هو وأمثاله.
وقد تكون هناك رسالة أخرى مبطنة من هذه الفضيحة موجهة إلى الوزير الجديد؛فلسان حال هذه الزمرة نحن (نتحدى القراءة والفساد والتكتل والمنتدى وصحافة الشائعات)؛ ونصدع بشعارات عزيز؛لكننا نستنكف عن إنجازها؛ فيأيها الوزير أسراركم ترد علينا؛فإمّا الخنوع لنا والطاعة أو التشهير والبلبلة.
غالي بن الصغير