ولد اجاي لم يقل منكرا من القول وزورا.. فلماذا الصراخ؟!
ملأت بعض أطياف المعارضة العالم صراخا، أقاموا الدنيا، ولم يقعدوها، سخروا كل مدونيهم، وصحافتهم، وجيشوا العواطف، والمشاعر، وأعلنوا حالة الطوارئ، ورفعوا درجة التأهب للحد الأقصى، والسبب هو أن وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي قال: " إن بعض الأنظمة بما قدمته من إنجازات تستحق أكثر من مأموريتين".. سبحان الله الرحيم، خلال تعاطيها مع هذا التصريح العادي وقعت المعارضة في أخطاء قاتلة، قانونيا، وسياسيا، وإعلاميا.
فمن الناحية القانونية الدستورية لم يقل ولد اجاي كفرا بواحا، ولم يقل منكرا من القول وزورا، فالرجل كان دقيقا في انتقاء عباراته، رغم اعترافه أن منابر المعارضة الإعلامية ستحرف كلامه، فهو لم يقل إن ولد عبد العزيز مثلا يستحق مأمورية ثالثة، أو رابعة، بل ولم يقل حتى إن النظام الموريتاني الحالي يستحق تلك المأموريات، بل قال "إن بعض الأنظمة" ثم إنه حتى لو طالب ولد اجاي صراحة بترشيح رئيس الجمهورية ولد عبد العزيز لمأمورية عاشرة، فإن هذا الكلام في حد ذاته ليس مخالفا للدستور، ولا يجرم قائله، لأنه لا يلزم الرئيس، ولا يعبر عن رأيه بالضرورة، إلا إذا كان من قال إن زوجة فلان طالق تكون طالقا بالفعل، فولد اجاي ليس ولد عبد العزيز، وعزيز مسؤول فقط عن تصرفاته، وأقواله، والترشح للرئاسة قرار شخصي.
فالدستور الموريتاني لم يتضمن مادة تقول "إنه يحظر على جميع أفراد الشعب الموريتاني نطق كلمة المأمورية الثالثة" فهذا كذب، وبهتان.
أما قصة "قبة البرلمان" فهي من باب جعل الحبة قبة، فتحت قبة البرلمان يتم يوميا –تقريبا- انتهاك القوانين، والدستور، ويتم التعدي على رئيس الجمهورية، وسبه، وشتمه، تحت قبة البرلمان تطلق الاتهامات جزافا، ويمارس الكذب، والتضليل، والقذف، وتحت هذه القبة كذلك تتم المزايدة بالدين، والتفريط في الوطن، فعن أي قبة يتحدثون..!
أما من الناحية السياسية فكانت المعارضة "صبيانية" في تعاملها مع تصريح عاد جدا لوزير الاقتصاد والمالية، وظهرت المعارضة بمظهر المفزوع، المرعوب، المرتبك، الذي يستخدم كل أوصاف القبح ليصف هذا التصريح، فما الذي تركه المنتدى من قاموس العبارات البذيئة ليصف به تصريحا كهذا لو صدر من ولد عبد العزيز نفسه ؟؟ ..نعم، ولم لا، ألم يقف ولد عبد العزيز ذات مساء في حي ملح بتوجنين ليعلن أمام الشعب الموريتاني أنه قام بانقلابين، وأطاح برئيسين منتخبين – بغض النظر عن ظروف انتخابهما- ؟ أوليس الإقدام على الإطاحة برئيسين أصعب بكثير من التلويح بالبقاء في السلطة لمأمورية إضافية؟ ما ذا بإمكان المنتدى أن يفعل حينها غير الصراخ، والبيانات الجوفاء؟
الحصول على السلطة أصعب بكثير من التمسك بها، وولد عبد العزيز لو أراد مأمورية ثالثة فإن آخر ما سيفكر فيه من عراقيل هو منتدى المعارضة، وأضعف جهة ستقف في وجهه هو المنتدى، لنكن صريحين مع أنفسنا ولو مرة واحدة.
أما من الناحية الإعلامية فقد فشل تسويق تصريح وزير المالية والاقتصاد هذا، فالمواطن العادي عندما يستمع، أو يشاهد هذا التصريح سيلاحظ بكل بساطة أنه ليس فيه ما يخالف الدستور، أو يـُخرج من الملة، أو يحتقر الشعب..الخ وبالتالي فالتصريح لا يسعف المنتدى في تسويقه، ولا يشكل مادة رابحة في سوق الدعاية المنتعش هذه الأيام، فتصريح ولد اجاي، وتصدير الحمير، وقصة سعر المحروقات، وحرب الحكومة على الإسلام، كلها مواضيع مفلسة لم تسمن المعارضة، ولم تغنيها من جوع، وإذا لم يبق للمنتدى إلا الجلوس، وانتظار تصريح هنا، أو خطاب هناك، من هذا الوزير أو ذاك المدير، كي يصدر البيانات، فإن على المنتدى إذا أن يجهز خزانة من الورق، والكثير من الحبر، وعلى الحكومة ألا تبخل على "منتدانا" بتصريحات كهذه توفر للمنتدى مادة للسجال السياسي، تساعد قادة المنتدى على قتل الوقت، ومحاربة الرتابة، وكسر الروتين الممل.
ما ذا لو قال ولد اجاي مثلا" إن بعض الأنظمة يقوم بسجن المعارضين على مواقفهم السياسية" أو قال إن بعض الأنظمة يقوم بحل الأحزاب السياسية التي لا تحصل على نسبة 2% من الانتخابات العامة، أو قال ولد اجاي إن بعض الأنظمة لا يسمح بمن فشلوا في الوصول للسلطة بالقوة بالوصول إلى قبة البرلمان... كيف سيكون بيان المنتدى حينها.
سعدبوه ولد الشيخ محمد