قراءة في دلالات غياب، أو تغييب ولد محمد لغف، ومحسن عن مهرجان الرئيس (خاص)
شهد الحفل الافتتاحي لحملة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والذي ترأسه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، شهد تغيب شخصيات بارزة، اعتبرت لفترات طويلة من أركان نظام ولد عبد العزيز، واكبت وصوله للسلطة، وظلت في صدارة المشهد السياسي، والإداري حتى وقت قريب، ومن أبرز المتغيبين عن مهرجان "ملح" الثنائي، الدكتور مولاي ولد محمد لغظف، ورئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج.
وقد أثار غياب، - أو تغييب الرجلين - علامات استفهام كبيرة حول مصيرهما السياسي، وعلاقتهما بالرئيس ولد عبد العزيز، وإذا كان تغييب رئيس مجلس الشيوخ مفهوما بحكم عصيان مؤسسته للإرادة العليا، ودخولها في حرب مفتوحة ضد الرئيس، وحكومته، فإن اختفاء ولد محمد لغظف المفاجئ عن المشهد لا يزال لغزا يحير المراقبين، فالرجل أقيل صباح الإثنين 29 مايو 2017 قبل دقائق من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، ومنذ إقالته دخل ولد محمد لغظف في "مُعتكف" سياسي، وصوم عن التصريح، أو الظهور العلني.
ومما زاد من غموض الصورة، الأنباء التي نشرها موقع الأخبار المقرب من المعارضة عن اعتماد ولد محمد لغظف ضمن لائحة المرشحين المحتملين للرئاسة من طرف المنتدى، وهو ما نفاه الطرفان لاحقا، لكن ما هو غير مفهوم هو عدم تنظيم ولد محمد لغظف، أو دعمه لأية مبادرة، أو نشاط لحشد الدعم الشعبي للاستفتاء، وهو الذي كان حتى لحظة إقالته يترأس اللجنة المكلفة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، وأهم بنوده إجراء الاستفتاء الشعبي لتعديل الدستور.
ولد محمد لغظف خالف تقليدا متعارفا عليه في العرف السياسي، والإداري في البلد، وهو أن يستمر الوزير في دعمه للنظام حتى بعد إقالته، بل قد يزيد هذا الدعم أكثر، لكن ولد محمد لغظف فضل الصمت، أو تم إخراجه من المشهد بقوة قاهرة.
وتسود لدى الرأي العام عدة روايات بشأن عزل ولد محمد لغظف، ومستقبله السياسي، بين من يرى أن الرجل استقال من منصبه، وخرج طواعية لأسباب تخصه، لعل أهمها طموحه السياسي المستقبلي، وحرصه على القفز من سفينة نظام ولد عبد العزيز وهي تبحر نحو الاستفتاء، ومن يرى أن الرجل ارتكب – عن قصد، أو بدون قصد- أخطاء من النوع الذي لا يغتفر، فتمت إزاحته، وتهميشه، بل ومراقبة تحركاته كما يتحدث البعض، وبين هذا وذاك، يظل الدكتور مولاي ولد محمد لغظف شخصية مثيرة للجدل، رغم صمت الرجل، ودماثة خلقه، ووصفه من قبل الكثيرين بأنه "مقبول" لدى الدوائر المعارضة، رغم أنه كان من أعمدة نظام ولد عبد العزيز، وأسوأ ما يمكن أن يحصل للرجل سياسيا هو أنه قد يـُغضب النظام، دون أن يرضي المعارضة، التي قد تظل متوجسة منه بحكم ماضيه القريب.