موريتانيا.. المعارضة في خدمة النظام !! (خاص)
هناك مقولة مــُسلم بها في موريتانيا تقول: "إن قوة النظام تكمن في ضعف معارضته"، ويوما بعد يوم تثبت معارضة موريتانيا أنها بالفعل وفية للنظام، ومستعدة لخدمته أكثر من الأغلبية ربما، فالمعارضة تتراجع دائما عن الخطوات الحاسمة في الأوقات الحاسمة، وتعيد النظر في قراراتها، بناء على إملاءات النظام، وحتى إشاراته، فعندما تقرر المعارضة التظاهر، ويقول والي انواكشوط .. أجلوا التظاهر، تقول المعارضة سمعنا وأطعنا، وعندما يقول النظام : دعوا الاستفتاء الشعبي يمر بهدوء.. تقول المعارضة أمرك طاعة أيها النظام المحترم، ويمر يوم الاستفتاء دون أن يشهد أبسط تحرك جماهيري احتجاجي من المعارضة، ويبتلع قادة المعارضة ألسنتهم طوال ذلك اليوم، وهم الذين كانوا يملؤون الفضاء ضجيجا قبله بساعات، بل وتبتلعهم الأرض، فحتى الاتصال برئيس منتدى المعارضة يوم الاستفتاء الأخير كان متعذرا، حتى على زملائه، فالرجل وضع لسانه على الصامت، وهاتفه في وضعية "خارج التغطية" حتى ينتهي يوم الاستفتاء، ويمر بهدوء وسلام !!!.
إنه من المؤكد الثابت أن جميع أحزاب المعارضة في موريتانيا – دون استثناء- مـُخترقة من النظام، فعملاء النظام مندسون في جميع تشكيلات تلك الأحزاب، لكن ما هو غير مفهوم، ولا مستساغ لجمهور المعارضة هو أن يصل داء "العمالة" للنظام إلى الصف الأول من قادة أحزاب المعارضة، فتراهم منشغلين في تبرير "تواطؤهم" مع سياسات النظام، أكثر من انشغالهم بمناهضة تلك السياسات.
مشكلة الطيف المعارض في موريتانيا تكمن في مفارقة عجيبة مفادها: أن أحزاب المعارضة التي تجاهر حقا بمعارضة النظام لا تمتلك شعبية تذكر، ولا قدرة على الفعل السياسي، بينما أحزاب المعارضة التي لديها تلك الشعبية، وتلك القدرة على التحرك، تفتقد للرغبة، والإرادة الجادة في "إزعاج" النظام، بل تسعى دائما لترك حبل الود موصولا معه، وتقوية شعرة معاوية-، أو بالأحرى شعرة عزيز- مع النظام، وذلك حفاظا على مصالح ظرفية مادية ضيقة، فعلى سبيل المثال زعيم المعارضة الديمقراطية ليس مستعدا للتضحية بامتيازاته المالية، والرفاهية التي يتمتع بها، لذلك قرر الاعتراف بنتائج الحوار، والاستفتاء، ورفع العلم الوطني الجديد فوق مؤسسته، ولم نسمع أي كلمة من حزب تواصل "المعارض" ضد هذا الموقف من زعيم المعارضة الذي ينتمي للحزب.
آن الأوان أن نقولها بوضوح.. حزب تواصل ليس معارضا للنظام، وإنما هو معارض من أجل مصالحه الحزبية الضيقة، فهذا الحزب هو الوحيد من بين أحزاب المعارضة الذي يمتلك قاعدة شعبية لا بأس بها، وتتميز بالانضباط الحزبي، والانصياع لتعليمات القيادة، ومع ذلك لم يستغل حزب تواصل يوما هذه الإمكانات ضد النظام، بل تراجع بشكل "مـُريب" في مواقف حاسمة، وانضم – بشكل أو بئاخر- إلى أجندة النظام، فهو حزب ابراكماتي، يتبع سياسة فقه المرحلة، وسنة التدرج، ومبدأ ما لا يـُدرك كله لا يــُترك جله... وغير ذلك من الأدبيات التي يستعملها الحزب لتبرير تخاذله عن الفعل المعارض، والتضحية في سبيل المبادئ، والمواقف السياسية المـُعلنة.