(خــاص): الضريبة.. أداة للتنمية، أم سلاح ضد الفقراء(تقرير)
"الضريبة" .. هي ذلك الجزء الذي تقتطعه الدولة من دخل الأفراد، أو مالهم، ومن المؤسسات التجارية بغية تمويل الخدمات العمومية، من صحة، وأمن، وتعليم، ونظافة... ويفترض في الضريبة – إذا طبقت بشكل مدروس- أن تكون رافعة للاقتصاد الوطني، فضلا عن كونها مظهرا حضاريا، وتجعل المواطن يشعر بالانتماء لوطنه، كونه يساهم في تنميته بشكل أو بآخر.
"الضريبة" هي الشغل الشاغل للمواطن في موريتانيا هذه الأيام، من العاصمة انواكشوط، إلى مدينة النعمه، في أقصى الشرق، مرورا بمدينة كيفه في الوسط، ومن الجنوب في روصو، وحتى الشمال، حيث عاصمة الاقتصاد انواذيبو، وأطار.
في هذه المدن كلها أصيبت الحركة التجارية ب"الشلل" والسبب – يقول التجار – ضرائب مجحفة من البلديات، والملاحظ أن هاجس الضريبة هذه المرة بات يؤرق مختلف شرائح المجتمع، بدء ب "التيفاي" مرورا بأصحاب الحوانيت، وانتهاء بكبار رجال الأعمال، الذين أغلقت بعض شركاتهم، في انواكشوط بسبب هذه الضرائب.
وتتزامن ضريبة البلديات هذه مع حملة هي الأوسع، والأخطر تقوم بها الجمارك لاحتجاز السيارات غير المجمركة، احتجاز يخشى أصحاب السيارات أن يكون لغير رجعة، ومعلوم أن معظم السيارات في المدن الداخلية غير مجمركة، ما جعلها تتوزع بين قسمين: قسم أوقفه أصحابه في مكان آمن، في انتظار انتهاء حملة الجمارك، وقسم آخر وقع في قبضة الجمارك، وفي كلتا الحالتين لم تعد هذه السيارات تدر دخلا على أصحابها، وباتو بلا مصدر رزق.
ويقول المواطنون المتضررون من حملة الضرائب هذه إن الصرامة التي تتبعها البلديات في جباية الضرائب، لا تطبقها في القيام بواجباتها تجاه السكان المحليين، من إنارة، ونظافة... وبذلك تأخذ البلديات مالها، وتتساهل في ما عليها.
وكما تقول القاعدة الاقتصادية المعروفة إن الضريبة تابعة لمستوى الدخل، فكلما ارتفع الدخل ترتفع الضريبة،والعكس صحيح، إلا أنه من الملاحظ عندنا أن الفقراء، الذين لا يكادون يملكون قوت يومهم هم أكثر من تفرض عليهم الضرائب، وبكل صرامة، أما رجال الأعمال، فغالبا ما يجدون طرقا للتهرب منها، أو على الأقل دفعها بشكل لا يتناسب مع ممتلكاتهم الضخمة.
ما يجعل السلطات العليا في البلد مطالبة بإعادة النظر في النظام الضريبي، أو على الأقل في طريقة جباية الضريبة، لتؤدي الدور الاقتصادي المنوط بها، وتساهم في التنمية، بدل تحولها إلى سيف مسلط على رقاب الفقراء، وسلاحا فتاكا يحارب الناس في قوت يومهم.