صندوق دعم الصحافة، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق !
مع وصوله للسلطة في بلده، اتبع محمد ولد عبد العزيز سياسة الانفتاح الإعلامي، وأطق حرية الصحافة على مصراعيها، بل وذهب أكثر من ذلك عندما قرر منح مئات الملايين لدعم الصحافة الخاصة في البلد، وبعد مرور سنوات على تقديم هذا الدعم الكبير، بدت الأسئلة ملحة حول جدوائيته، وشرعيته، ومردوديته، وما إن كان حقق الهدف منه.
لا يوجد في الدستور، أو القانون ما يلزم الحكومة على تقديم مئات الملايين من أموال الشعب للصحافة الخاصة، قبل سنة 2011 عندما سنت الحكومة قوانين بهذا الخصوص، وقد أدى صرف هذا المبلغ الضخم إلى نتائج عكسية، وذلك بسبب عوامل عديدة، من بينها كون المعايير مطاطية، يتم تفصيلها على مقاسات معينة، تضمن استفادة البعض، وحرمان البعض، كما أن الزبونية، والمحسوبية ضاربة أطنابها في لجنة تسيير الصندوق، فضلا عن تخصيص مبالغ ضخمة لأعضاء هذه اللجنة، يتلقونها دون أبسط مجهود يقومون به.
لكن الأخطر من ذلك هو أن من يتلقون الجزء الأكبر من الدعم الحكومي يستعينون به في تمييع الحقل، وبث الأراجيف، وتهديد المصالح العليا للوطن، وابتزاز المسؤولين، بدل استغلال الدعم في التكوينات، وتحسين الخبرة، وخلق مؤسسات إعلامية تلعب دورها المنشود في تنمية البلد، فأي أموال تصرفها الدولة لا بد أن تبتغي من ورائها مردودا على الوطن، وتمويل صندوق الصحافة الخاصة لم يأت قطعا بمردود إيجابي، وكان الأولى صرف هذه المبالغ على الفقراء، والمتسولين في شوارع العاصمة، أو تميل معهد متخصص لتكوين الكوادر الصحفية، أو على الأقل إبقائه في خزينة الشعب، بدل صرفه لجيوب شخصيات محددت، باتت تنفقه في اقتناء السيارات، وتشييد المنازل، في حين أن العاملين في هذه التلفزيونات، أو الإذاعات، أو المواقع، والجرائد يعيشون وضعا يرثى له، فهل ستتدارك الجهات العليا هذا الخطأ الفادح ، أم أنها ستظل تدفع هذه الأموال مكرسة مبدأ عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ؟! لأن الرئيس، ووزير المالية مؤتمنون على ثروة الشعب، وليست ملكا شخصيا لهم.