مؤتمر "تواصل" في لعيون.. رمزية المكان، ودلالة السياق، والزمان
إلى عاصمة ولاية الحوض الغربي "لعيون" تنادى زعماء حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" المعارض، الأكيد أن التواصليين لم يأتو لجوهرة الشرق – كما تسمى- للاستجمام، والاستمتاع بأجواء الخريف فحسب، بل لاختيار الحزب للمناطق الشرقية دلالات كبيرة لا تخطئها عين المراقب السياسي، من حيث الزمان، والمكان، والسياق..
رمزية المكان..
لئن كان تجمع حزب تواصل في لعيون مقررا مسبقا، إلا أن استقالة أبرز رجالات الحزب بالحوض الغربي النائب سيدي محمد ولد سييدي أفقدت المناسبة الكثير من زخمها، ومنحتها في المقابل أهمية، كونها أول نشاط جماهيري للحزب بعد رحيل الرجل عنه، وكأن الحزب يريد أن يقول لأنصاره – قبل معارضيه- إن "تواصل" لم يمت بعد ولد سييدي، صحيح، قد يكون الحزب خسر جولة من المعارك، لكنه لم يخسر الحرب بعد، وهاهو موجود، وبقوة حتى في الفناء الخلفي لولد سييدي.
دلالة الزمان..
إن اختيار "تواصل" لولايات الشرق لعقد هذا اللقاء الكبير لم يأت صدفة، فمعلوم أن الحزب مقبل على استحقاقات داخلية هي الأهم منذ تأسيسه، حيث سيغادر رئيسه الأستاذ محمد جميل منصور رئاسته، وسط جدل محتدم حول من يخلفه، وهو الجدل الذي لم يغب عنه حديث متزايد، وامتعاض واضح من تواصليي الشرق مما يرونه هيمنة جهة معينة على مقاليد الأمور في الحزب، وتحديدا محاولة الاحتفاظ برئاسته، وكأن رئاسة حزب تواصل محكوم عليها أن تظل لجهة معينة، حتى مع اختلاف الرؤساء، رغم أن العمق الجماهيري، والدعم المالي للحزب يأتي تحديدا من ولايات الحوضين، ولعصابه.
فهل أراد "تواصل" طمأنة منتسبيه من الشرق بأن تهميشهم غير وارد، أو إقناعهم بالتخلي عن طموح الحصول على منصب رئيس الحزب، من باب المصلحة العليا للحزب، وفقه المرحلة، ومن باب الإيثار، وهي مفاهيم يجيد الحزب استغلالها بشكل كبير؟؟.
السياق..
إن السياق الذي يأتي فيه مؤتمر حزب تواصل في الشرق ليس طبيعيا، بل يأتي في غمرة وضعية سياسية ضبابية يمر بها البلد ككل، ولم يحسم حزب تواصل موقفه من الحوار مع النظام، قبولا، أو رفضا، رغم الرفض المعلن قبل تلبية شروط محددة، ولا شك أن الحزب المعارض أمام عدة خيارات قد تكون محل نقاش في أروقة ملتقى لعيون، من بينها المشاركة في الحوار، أو تعليق المشاركة بالشروط المعروفة، أو رفض الحوار، والتعامل مع نتائجه بعد حصولها، خاصة المشاركة في أي انتخابات مقبلة، ومعلوم أن تواصل لا يضيع فرصة الانتخابات، لاعتبارات شرحها قادة الحزب كثيرا.
ومهما يكن فإن مجرد تنظيم حزب سياسي لنشاط بهذا الحجم خارج العاصمة يعتبر في حد ذاتها خطوة تحسب لتواصل، وكسرا لاحتكار انواكشوط للعمل السياسي، وإشراكا لسياسيي الداخل في بلورة موقف نهائي للحزب من مجريات الأوضاع في البلد، وهي بالفعل "لا مركزية" سياسية مفقودة، ومطلوبة، ومع ذلك سيبقى "تواصل" مطالبا بأن يثبت لأهل الشرق أنه حزب للجميع، ويبدد هواجسهم المشروعة من استغلال أموالهم، وجهودهم لتحصد قلة من خارج منطقتهم ثمار ذلك..