أزمة المقال المسيء بين أحكام الشريعة، وضرورات السياسة
قال العلامه الشيخ محمد الحسن ولد الددو: إن من يسب النبي صلى الله عليه وسلم لا يستتاب، ولا يجوز لأحد أن يعفو عنه، وإنما يجب قتله، وأضاف ولد الددو في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية أن حق النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك أحد أن يعفيه، لأنه حق لجميع أمته.
وتعتبر هذه أول فتوى صريحة من عالم موريتاني حول حادثة ما بات يعرف ب"المقال المسيء" وكان الباحث الإسلامي المقيم في أمريكا محمد بن المختار الشنقيطي قد دعا في مقال له إلى العفو عن صاحب المقال المسيء، واعتبر ذلك هو التصرف الصحيح من الناحية الشرعية، رغم أن الشنقيطي ينتمي فكريا لنفس المدرسة الفكرية التي ينتمي لها الشيخ الددو.
قضية ولد امخيطير هذه يبدو أن الجدل فيها دينيا، وسياسيا، وحقوقيا سيطول، ويطول، ويبدو التكهن بنهاية هذه القضية من الصعوبة بمكان، تماما كما هوصعب الموقف الذي باتت فيه السلطات الرسمية في البلد فيما يخص هذا الملف.
فأي تدخل من السلطة لإعدام ولد امخيطير سيعتبر من قبل البعض تدخلا من السلطات التنفيذية في السلطة القضائية، وسيصنف أيضا باعتباره انتقائية في الأحكام، بالنظر إلى أن أشخاصا آخرين ربما ارتكبوا نفس جرم ولد امخيطير ولم يعتقلوا، أحرى أن يعدموا، كما سيعتبر إعدام صاحب المقال المسيء – إن تم- أول حالة إعدام منذ عقود، ومبدأ العودة إلى "الإعدام" قد يدخل النظام في صراع مع منظمات، وربما دول مهمة.
لكن في المقابل إذا ما تواصل الزخم الشعبي لهذه القضية في التزايد، وتواصلت جمعات الحشد، ومليونيات الإعدام فإن ساحة ابن عباس ستتحول إلى "رمز" مثل ميدان التحرير بمصر، وحينها قد تحدث ساحة ابن عباس ما أحدث ميدان التحرير، ومن الواضح أن النظام يأخذ ذلك على محمل الجد.
لذلك فقد تلقف الرئيس محمد ولد عبد العزيز جمهور المحتجين، واستقبلهم على أسوار قصره، وحاول امتصاص غضبهم بالوعود، والتطمينات، وربما كان ولد عبد العزيز يدرك أن هذه الأزمة ستنتهي مثل ما انتهت أزمة "محرقة الكتب المالكية" على يد بيرام، وسيتلاشى الزخم الشعبي بمرور الزمن.
لكن إصرار الجماهير على مواصلة الاحتجاجات جعلت الرئيس يؤكد مجددا من ولاته أن الدولة مسلمة وليست علمانية، وأن الدين خط أحمر، تصريحات رحبت بها الجماهير، لكنها بدل أن تخفف من حجم المظاهرات زادت من حماس المتظاهرين، وواصلوا الحشد.
وقد بات النظام حائرا، يتلمس خطواته بحذر إزاء التعامل مع ولد امخيطير، والتعامل أيضا مع المتظاهرين الذين يهددون بالزحف على القصر الرئاسي، فأي قمع لهم قد يحول النظام من مدافع عن الإسلام إلى خانة التعاطف مع المسيئين عليه بنظر المتظاهرين، بما يعنيه هذا التطور من تداعيات، فأي نهاية ستكون لهذا الملف؟؟؟؟
سعدبوه ولد الشيخ محمد