درس في الاغتصاب أم اغتصاب في الدرس
كنت وسط الدرس- ورغم أن مادة التاريخ شيقة خاصة إذا كان الأستاذ ممن يتذوقون المادة ويحسنون حكايتها وسرد أحداثها، إلا أن ضعف ضارب المادة لدى الأقسام العلمية خاصة يزيد من صعوبة تدريس هذه المادة ويضعف مستوى التجاوب معها-.
فجأة استأذن المراقب رفقة فتاة وقدمت نفسها كعضو في "منظمة النظراء المربون " تقوم بتالحسيس حول مخاطر الاغتصاب خصوصا والعنف الجنسي عموما في موريتانيا.
تحرك الفصل، وانتعش التلاميذ ودبت في أنحاء القسم طاقات جديدة، وبرزت من هنا و هناك ضحكات و"مهمهات" وكلمات مقتضبة، مما استدعى مني الوقوف لتهدئة الفصل كي تتمكن السيدة من القيام بمهمة التحسيس التي أكدت على أنها لن تتجاوز خمس دقائق، قدمت خلالها معلومات مثيرة عن الاغتصاب في موريتانيا بهرت الجميع ،فقالت إنه خلال شهر الأخير من السنة المنصرمة تم تسجيل 112 بلاغا عن حالات اغتصاب لدى مراكز الشرطة في نواكشوط.
و أكدت أن الإحصائيات المتداولة تشير إلى أن أكثر جرائم الاغتصاب تحدث داخل المنازل، وسط تعتيم وصمت مطبقين.
أما بالنسبة لمرتكبي هذا الجرم فإن 15% من حالات الاغتصاب سببها الأقارب، وخصوصا أبناء العمومة، و18% سببها الجيران و10% بسبب أصحاب الحوانيت القريبة، و13% هم أصحاب السيارات، بينما تسبب الطلاب بنسب تراوحت بين( 10- 7%) من جرائم الاغتصاب.
و أثناء تقديم هذه المعلومات رفع الكثير من التلاميذ أصابعهم مطالبين بالمشاركة، وطرح الأسئلة وطلبت منهم الانتظار حتى تنتهي السيدة من تقديمها.
وقالت السيدة إن السبب في تفشي هذه الظاهرة في المجتمع الموريتاني يعود في جزء كبير منه إلى التبرج و التسيب ونصحت الفتيات بالحذر وعدم الخروج في وقت متأخر دون مرافق يؤمن جانبه.
وبعد انتهاء تقديم درس الاغتصاب أثارت إحدى التلميذات ملاحظة " إن خروج المرأة متبرجة لا يعطي للرجال الحق في إ اغتصابها" و أثار ذلك ردود فعل مستهجنة من طرف بعض التلاميذ ( الذكور) الذين قالوا إن "كله بسبب النساء وما يثيره تبرجهن من شهوات ضعفاء العقول .
ردت التلميذة صاحبة الملاحظة (وهي من المحجبات) بأن الشرع طالب المسلم المؤمن بغض البصر
و هو ما يحفظه من تتبع محاسن و عورات النساء.
هكذا اغتصب درس الثورة الصناعية من طرف السيدة وتحول إلى نقاش مفتوح حول أسباب الاغتصاب وسبل الوقاية منه ..... وتذكر الأستاذ كيف أن الثورة الصناعية كانت سببا رئيسيا في تحرر المرأة ومشاركتها في العمل إلى جانب الرجل، حتى صارت اليوم تتساوى معه في الحقوق والواجبات ، كما كانت أيضا وراء وفرة الكساء و ظهور الموضة والسينما وما انجر عن ذلك من إشاعة الفنون الإباحية.
الاستاذ/ عال يعقوب