الحكومة تنجح في امتحان الاستفتاء، والنظام يتنفس الصعداء
رئيس الجمهورية والوزير الأول الجديد يحي ولد حدمين خلال حملة سيلبابي
نجحت الحكومة الموريتانية، والأغلبية الداعمة لها في تنظيم استفتاء شعبي حاسم في ظرف قياسي، ولئن كان المقاطعون سارعوا إلى الاحتفال بنصرهم المزعوم بما يرونه عزوفا للشعب عن الاقتراع، إلا أن الصورة شبه النهائية أوضحت أن هؤلاء تسرعوا كثيرا، فالشعب قال كلمته، وكل المؤشرات تؤكد أن نسبة التصويت ستزيد على 50% ونسبة التصويت بنعم ستتجاوز 80% في الصندوقين، وهذه النتائج لا يمكن وصفها بالمتدنية بالمرة، بل هي من أفضل النسب في مثل هذه الظروف.
ما يعتبره المراقبون نجاحا للحكومة يتجلى أساسا في عدة نقاط، أبرزها انتفاء شبهة التزوير حتى لدى المقاطعين للاستفتاء الذين بدؤوا التخلي عن الاتهام بتزوير الاستفتاء بعدما رفعوا تلك التهمة من قبل، فكل القرائن تؤكد أن النظام لم يعمد لتزوير الاستفتاء، بدليل أن نتائج تصويت العسكريين أوضحت في بعض المكاتب تصويتا ب"لا" يفوق مكاتب عديدة للمدنيين، ومعلوم أن النظام لو أراد التزوير فسيفرضه أولا على العسكريين لسهولة ذلك، وتحكمه فيهم، ثانيا السهرة التي ترأسها رئيس الجمهورية بقصر المؤتمرات أوضحت بجلاء أن الرئيس، وحكومته لم تكن لديهم معرفة مسبقة بطبيعة النتائج التي ستعلنها لجنة الانتخابات، وهو ما يعني أن التزوير غير وارد، فلو كانوا زوروها لكانت لديهم معرفة بالنتيجة مسبقا، وطبيعتها.
لا أحد يتوقع أن تخرج المعارضة المقاطعة للحوار ونتائجه لتعلن بوضوح أن الاستفتاء منزه من كل عيب، وشفاف، ونزيه، فتلك الشهادة لا ينتظرها أحد من هؤلاء، وبالتالي فإن طعنهم في عملية الاستفتاء لا يضيف جديدا، ولا تأثير له، والمفارقة الغريبة أن أطرافا معارضة قاطعت الاستفتاء أصدرت نسبا للتصويت، وأرقاما للنتائج حتى قبل أن تعلنها لجنة الانتخابات، علما بأن هؤلاء "مقاطعون" وليس لديهم ممثلون في مكاتب الاقتراع يزودوهم بالنتائج، فمن أين جاؤوا بها...؟ من خيالهم، وتمنياتهم بالتأكيد.
وبغض النظر عن التجاذب بين المعارضة، والحكومة حول نسبة المصوتين، والنتائج، -وتلك ظاهرة طبيعية صحية في الديمقراطية- فإن مرور يوم الاستفتاء دون تسجيل أي حوادث أمنية، أو عراقيل تؤثر على سير التصويت وذلك في عموم التراب الوطني هو دليل على نجاح الخطة التي أعدتها الحكومة لهذا الاستحقاق الوطني الهام.
ويرجع المراقبون ارتفاع نسبة المصوتين بنعم إلى الجولات التي قام بها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في جميع عواصم الولايات، وخطاباته القوية، والمهرجان التاريخي الذي ترأسه في العاصمة في نهاية الحملة، بينما تكفل وزيره الأول بزيارات منتقاة لمناطقة محددة لها خصوصيتها الانتخابية، مثل مكطع لحجار بلبراكنه، وباركيول بلعصابه، والطينطان بالحوض الغربي، وجكني بالحوض الشرقي، حيث كانت مهرجانات الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين في هذه المدن حملة سابقة لأوانها للاستفتاء، وجعلت الجميع يعيش أجواء الحدث.