قبس من حقيقة منطقة آكان، إلى السيد عبد الفتاح ولد اعبيدن المحترم
بينما أنا أجوب صفحات مواقعنا الإخبارية في جولة صباحية اعتدت على القيام بها، إذ بناظري يقعان على كم معتبر من الكلمات المرغمة -تلوح من بين فروعها جذوة تدل القارئ على أن الكاتب اعتمد في مقاله على معلومات أتت من أحد الأطراف دون الآخر- تلك الكلمات حشرها السيد المحترم عبد الفتاح ولد اعبيدن في مقال عن منطقة آكان الواقعة إلى الشمال من مقاطعة مقطع لحجار، حاول السيد المحترم من خلال ذلك أن يثير مسألة الماء وتعاطيه في تلك المنطقة المترامية الأطراف.
وكون الرجل قد أثار الموضوع دون الإتيان على الأقل بمعلومات متنوعة تظهر للقارئ من خلالها صورة مكتملة عن ما جرى ويجري هناك هو ما جعلني أقتفي أثره لأبين بعض النقاط الهامة التي شردت من الكاتب إبان حديثه عن "آكان" ومياهه وسكانه وذلك من خلال الملاحظات التالية:
- أولا: أن المنطقة التي حاول الأستاذ سبر أغوارها بالحديث لا تقع شرق مقاطعة مقطع لحجار بل تقع إلى الشمال مباشرة حيث الطريق العتيقة نحو آدرار والتي ظل السكان يسلكونها ذهابا وإيابا في فترتي الإنتجاع والكيطنة، كما أنه عن قصد أو غير قصد أغفل الحديث إبان رسمه للوحة التضاريسية عن أحد أهم مظاهر سطح الأرض في "أكان" وهي الهضاب المتناثرة بين العروق الرملية المتحركة والتي من أشهرها هضبة وزان حيث المزار الشهير للعالم العلامة الشيخ أحمد ولد المختار ولد ازوين المتوفى 1309 هجرية، وغيرها من المعالم التي تعتبر ممرا إجباريا لكل من أراد الإتيان بلوحة مكتملة الجوانب عن المنطقة.
- ثانيا: أن المنطقة لم تكن أصلا محل نزاع تاريخي بين المجموعة القاطنة فيها بالأصل والمجموعات الوافدة الأخرى، حيث ظلوا في انسجام تام وعلاقات طيبة قبل أن تشوب ذلك المشهد بعض النزاعات الخفيفة التي لم تبلغ حد المواجهة قبل عقود من الآن، إلا أن عدم حسم الأنظمة المتعاقبة على الحكم للمسألة جعلها تستفيق من جديد من سباتها العميق في النفوس، وذلك عندما وقع شجار بين عدة أشخاص من المجموعتين المعروفتين (لا داعي لذكر الأسماء) حينما كان أشخاص من أبناء ساكني الأضرحة المكتسحة للمنطقة ينشدون زيارة آبائهم حيث تم ماتم بينهم، ولم يكن للماء أي دور في إذكاء تلك المشاجرة "المؤسفة"كما أسلف الكاتب.
- ثالثا: أنه لا يوجد طرف يتحكم في الماء بطريقة تجعله يضن على الآخرين به لا البشر أو الأنعام حيث يعلم الجميع أن نقطة المياه التي أستخرج نبعها عام 1998م مشاعة بين كل الذين يردون ذلك المورد، ولعلم الأستاذ الكريم فإن تلك النقطة يتم تسييرها من جميع النحواحي تحت عيون ساهرة من الإدارة في مقاطعة مقطع لحجار وبتوجيهات منها، أي أنه لا مكان لغبن أي ناهل يود أن يروي عطاشه من ذلك المنبع المائي.
ثم إن الحديث عن غرامات تؤخذ من الواردين كضريبة لسقايتهم على نقطة التيشوطن تتمثل في "حكة" عارية من الصحة تماما ولا بد حتما من أن من أوصلها إلى الكاتب يود من ورائها إرباك المشهد بمعلومات مغلوطة لهوى في نفسه، كما أنه لا وجود لطرف يمكن أن يسمى بالمتغلب لأن الطرفين يعيشان على نفس المسافة من جميع الخيرات التي توفرها المنطقة من ماء وخضراء وعمالة ورعي.
وأستبشر خيرا بالبشارة التي ضمنها الكاتب في مقاله بأن فريقا إعلاميا من مؤسسة الأقصى سيزور المنطقة كي يباشر الأمور عن كثب فهي خطوة موفقة كي يتسنى للكاتب أن يجمع المعلومات المتأتية من الطرفين لكي يكون حديثه مشتملا على كل ما يتطلبه الخوض في موضوع متشعب كهذا.
والله ولي التوفيق.
وشكرا لكم.
الشيخ سيدي محمد ولد سيدي أحمد.