هل أنقذ الحزب الحاكم لجنة إصلاحه من فشل إعلامي محتم ؟(تفاصيل)
فور إعلان تشكيل اللجنة العليا المكلفة من قبل رئيس الجمهورية لتطوير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وتفعيل هيئاته، سارع البعض لترويج شائعة مفادها أن هذه اللجنة شـُكلت أساسا من أجل تهميش قيادة الحزب، وهيئاته، وسحب البساط من رئيسه الأستاذ سيدي محمد ولد محم تمهيدا لعزله من رئاسة الحزب، وإبعاده نهائيا عن صدارة الفعل السياسي للنظام، ومع بداية عمل اللجنة اتضح جليا عجزها عن إدارة الجانب الإعلامي، وهو الأهم في الدعاية السياسية، فمعظم أعضاء اللجنة - باستثناء رئيس الحزب- لا علاقة لهم بالوسط الإعلامي، ولا يجيدون التواصل مع وسائل الإعلام، مما جعل اللجنة تلجأ إلى الجهاز الإعلامي للحزب، وهو جهاز نشط، لمساعدتها في هذا الجانب، وبإلقاء نظرة سريعة على الحصيلة الإعلامية للجنة إصلاح الحزب منذ بداية عملها يمكن أن نستخلص ما يلي:
عقدت اللجنة مؤتمرين صحفيين، أحدهما في ختام الأيام التشاورية، والآخر في اليوم الأول من حملة الانتساب، وأصدرت اللجنة عدة بيانات صحفية، أهمها بيان إطلاق الانتساب، وبيان تمديد فترة الانتساب، وأشرفت اللجنة على حدثين بارزين، الأول تنظيم الأيام التشاورية لإصلاح الحزب، وحملة الانتساب، وحفل العشاء لتكريم البعثات، وشرح آليات التنصيب، وبالنظر إلى جميع هذه الأنشطة نلاحظ أن استدعاء الصحفيين والتنسيق معهم لضمان التغطية، وتزويدهم بالمعلومات، والتواريخ، والمعطيات كل ذلك كان يتم على يد الجهاز الإعلامي للحزب، وليس عن طريق اللجنة الإعلامية بشكل رسمي، رغم عضوية بعض أعضاء الكادر الإعلامي للحزب في لجنة الإعلام المنبثقة عن اللجنة العليا.
حاول بعض أعضاء اللجنة العليا في بداية عملها الحضور في المشهد الإعلامي، عبر تدوينات، ومداخلات، وفيديوهات، لكن تلك المحاولات أربكت عمل اللجنة، وأظهرته بشكل فوضوي، خاصة وأن بعض تلك التدوينات كانت محاولة من بعض أعضاء اللجنة للترويج لنفسه، والهجوم على منافسيه داخل الأغلبية، أكثر منها جهدا إعلاميا لصالح عمل اللجنة العليا، وهو ما أدى إلى توقف تلك التدوينات من بعض أعضاء اللجنة العليا، وقد ظهر عجز اللجنة العليا عن إدارة الشأن الإعلامي جليا، وبشكل محرج خلال العشاء الأخير بقصر المؤتمرات، حيث فشل رئيس اللجنة الأمين العام لوزارة الداخلية محمد ولد اسويدات في مجرد إدخال صحفيين حضروا بدعوة من غيره، قبل أن يتمكنوا من دخول الخيمة بعد جهد جهيد، وتلويح بمقاطعة النشاط.
في مقابل هذا التخبط، والعجز الإعلامي من قبل لجنة تطوير الحزب، كانت تغريدات رئيس الحزب الأستاذ سيدي محمد ولد محم تملأ الفراغ الإعلامي، وبعض تلك التغريدات كان حاسما لجهة تأثيره في المشهد السياسي، ومسار عملية الانتساب، رغم أن ولد محم كان يتحدث في تغريداته باسمه الشخصي، ولم ينصب نفسه ناطقا باسم اللجنة العليا كما حاول بعض أعضائها في البداية أن يفعل، إلا أن وجهة نظر الحزب، والنظام، والتصدي للمعارضة، ومواكبة جهود إصلاح الحزب كل ذلك كان حاضرا في وسائل الإعلام بفعل تغريدات رئيس الحزب، بمعدل تغريدتين أسبوعيا - تقريبا-، كانت وسائل الإعلام تتلقف تلك التغريدات، ويؤمن لها الكادر الإعلامي للحزب التغطية المناسبة، ولعل من أشهرها تغريدة المفاوضات السرية مع المنتدى، والتي كان لها ما بعدها، ولا تزال تداعياتها مستمرة.
وإذا كان البعض قد روج لفرضية سحب البساط من تحت أقدام قيادة الحزب الحالية، باعتبار ذلك الهدف الأهم للجنة التي شكلها رئيس الجمهورية، فإن مجريات الأحداث أثبتت للجميع، وربما بشهادة الجميع أن قيادة الحزب، وهيئاته واكبت جهود اللجنة، ووفرت لها كل الدعم والمساندة، والأهم وفرت لها طوق نجاة إعلامي، وبدا واضحا أن هاجس البقاء في رئاسة الحزب، أو مغادرتها ليس بتلك الأهمية بالنسبة لقيادة الحزب بعكس ما يفهم البعض، فبناء حزب ديمقراطي، قادر على تحقيق الاكتفاء السياسي للنظام، ومواجهة معارضيه كان الهدف لقيادته الحالية بغض النظر عن من سيتولى قيادته.