بعد تأكيد ولد عبد العزيز عدم الترشح، "المهندس" يتبنى إنجازات الرئيس ! (خاص)
تنقسم فترة حكم رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إلى مرحلتين بارزتين، المأمورية الأولى، والمأمورية الثانية، وللمفارقة فإن ما يناهز 85% من الإنجازات الكبرى لولد عبد العزيز كانت في فترة المأمورية الأولى، بينما تميزت المأمورية الثانية بأنها حصدت النسبة الأكبر من فشل العمل الحكومي، وحتى لا يكون الكلام عاما، سنذكر أمثلة يعرفها الجميع.
(تخطيط الأحياء العشوائية في انواكشوط وانواذيبو، قرار تشييد مطار أم التونسي، إنشاء وكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة، إنشاء منطقة انواذيبو الحرة، بناء الجامعة الجديدة، بناء المستشفيات الكبيرة بالعاصمة، زيادة رواتب الموظفين، ...الخ) كل هذه المشاريع الضخمة كانت في النصف الأول من حكم ولد عبد العزيز، وفي المقابل تميزت فترة الأداء الحكومي في المأمورية الثانية بكثرة الإضرابات، التي شملت معظم قطاعات الدولة (الأطباء، المدرسين، أساتذة الجامعة، عمال اسنيم، وحتى الطلاب)، وعجزت الحكومة حتى عن احتواء هذه الإضرابات، والتفاوض مع المضربين، وآخر مثال على ذلك العجز إضراب الأطباء، الذي صبت الحكومة الزيت على ناره، بتصريحات متشنجة سلبية من وزير الاقتصاد والمالية، وقرارات من وزارة الصحة بتوجيه من الوزير الأول، قبل أن يسحب الأطباء، ورئيس الجمهورية البساط من تحت الحكومة، ويضعوا الملف بيد رئيس الجمهورية.
كما تميز العمل الحكومي في المأمورية الثانية لولد عبد العزيز باستفحال ظاهرة الصراعات السياسية، وانتقلت تلك الصراعات من كونها بين النظام، والمعارضة، إلى صراعات بينية داخل صفوف النظام نفسه، تسببت في أن يدب الوهن في العمل الحكومي، وتنتشر الخلافات بين أعضائها، وبين الجهاز الحكومي، والجهاز السياسي للنظام، وهي ظاهرة لم تشهد الأنظمة الموريتانية مثيلا لها قبل تولي "المهندس" قيادة الحكومة، لكن الأكثر غرابة - برأي المراقبن- هو محاولة السيد المهندس "تبني" إنجازات الرئيس ولد عبد العزيز، حتى تلك التي لم يكن للمهندس أي دور فيها على الإطلاق، ليصل الأم بالوزير الأول حد ترويج أن وراء كل إنجاز لولد عبد العزيز "مهندس" بارع، اسمه ولد حدمين !!.
هناك فرق كبير بين تثمين إنجازات رئيس الجمهورية، وتسويقها داخليا وخارجيا، وبين محاولة استغلالها للدعاية الشخصية لمهندس باتت عينه على قصر الرئاسة، بعد أن مكث مطولا في قصر الحكومة، ولعل نشر صور "سلفي" مع الرئيس الفرنسي بمطار انواكشوط على أنها إنجاز وطني ضخم يدخل في هذا الإطار، فأن تصافح الرئيس الفرنسي، وتلتقط صورة إلى جانبه هو بالفعل خطوة جبارة في سبيل نيل الثقة لتكون مرشحا بعد أشهر للمنصب الذي يسيل لعاب الكثيرين، هل بدأت إذا إرهاصات الحملة الرئاسية من طرف السيد "المهندس"، ليبدأ البحث عن رئاسة الجمهورية حتى قبل أن يفقد رئاسة الحكومة ؟؟!!.
من المؤكد أن شخصا مكث سبع سنوات على وزارة التجهيز والنقل، وأدار خلال هذه الفترة مئات المليارات من الأوقية، وتربع على رأس الحكومة نحو خمس سنوات، لن يرضى بأقل من منصب رئيس الجمهورية، وإلا فما الذي يبرر انشغال "المهندس" بتفاصيل الصراع السياسي المحلي في أرجاء الوطن، حتى إن معاليه يجد الوقت الكافي ليهاتف بائعة خضار لديها وحدة قاعدية، أو راعي غنم تمكن من تسجيل خمسين شخصا على قائمة منتسبي الحزب الحاكم ؟؟، الإجابة المنطقية ببساطة تقول إن معاليه يدرك أن مغادرة رئاسة الحكومة باتت مسألة أسابيع، أو أشهر على أبعد تقدير، ولذلك يسارع الزمن في محاولة لحجز مكان في المشهد السياسي الوطني ليضمن نصيبه من كعكة ما بعد 2019، لكن تلك المحاولات بدأت في الوقت بدل الضائع، فمعركة السياسة المحلية في موريتانيا تحسمها توازنات دقيقة، ولا يمكن القفز عليها، مهما علت الضغوط.. وما مشهد لعيون عنا ببعيد، كما أن تبني، واستغلال نجاحات ولد عبد العزيز لتلميع صورة المهندس يبو أشبه بمحاولة ارتداء عباءة الأسد حتى قبل أن يخلعها !!.