أي أثر ستخلقه ظاهرة التحالفات السياسية الجديدة في موريتانيا ؟ (تحليل)
تعتبر التحالفات السياسية ظاهرة جديدة على المشهد السياسي في موريتانيا، على الأقل بالشكل، والجم اللذين نشهدهما حاليا استعدادا لانتخابات سبتمبر، فقد دأبت الأحزاب السياسية في البلد على خوض الانتخابات منفردة، أو مقاطعتها معارضة للنظام، أو عجزا حتى عن المشاركة، واليم - وبعد أن باتت المشاركة مفروضة بقوة القانون- طفت على السطح ظاهرة التكتلات، والتحالفات السياسية، والمفارقة أن الظاهرة اجتاحت معسكر المعارضة تماما كما هو الحال في معسكر الأغلبية، لكن أبرز تلك التحالفات هو تحالف أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة مع حزب التكتل، وجهات وشخصيات أخرى، وهو تحالف تبدو المعارضة من خلاله عازمة على تطبيق مبدأ "التواضع السياسي" والتقليل من منسوب تضخم الأنا سياسيا، في محاولة جادة لخلق منافسة حقيقية للنظام، أو حتى هزيمته في الانتخابات.
أهم ما في تحالف المعارضة هذا أنه سيجمع كل نقاط قوتها ليوحد جهودها في الترشيحات، والحملة الانتخابية، ومراقبة الخروقات التي قد تشوب العملية الانتخابية، فضلا عن تبادل الدعم في الشوط الثاني في الدوائر التي يصل فيها مرشح معارض للدور الثاني، ولعل الأهم كذلك هو أن النظام سيجد نفسه مضطرا للتعامل مع كتلة سياسية، تضم العديد من الأحزاب، والمئات من الأطر، موحدة في قرارها، متضامنة في موقفها السياسي، بعد أن كان النظام يتعامل مع أحزاب المعارضة بشكل أحادي، ويسقطها في فخه الواحد تلو الآخر، في تجسيد لسياسة فرق تسد.
من الواضح أن المعارضة في موريتانيا لم تعد تكتفي بشرف المشاركة، والاكتفاء من الغنيمة بالإياب - كما يقال-، بل باتت المعارضة الجادة تطمح لسحب بساط السلطة من تحت أقدام النظام، عبر صناديق الاقتراع هذه المرة، بعد أن فشلت المراهنة على التظاهر والمسيرات لفرض خيار الرحيل، ولعل التطورات، والتغييرات السياسية التي حدثت في دول إفريقية عديدة، ظلت لعقود من أهم قلاع الدكتاتورية في القارة، فتحت شهية معارضة موريتانيا، وجعلتها تطمح لتحقيق نصر سياسي طال انتظاره، وهذا ما يؤكده زعماء المعارضة، عندما يقولون إن هزيمة النظام أهم عندهم من تحقيق مقعد برلماني هنا، أو عمدة هناك، لكن هل تملك هذه المعارضة برنامجا سياسيا متكاملا يشكل بديلا للنظام الحالي، أم أنهم يعارضون فقط من أجل المعارضة، وهل ستؤتي ظاهرة التحالفات السياسية ثمارها كما حدث في تركيا مؤخرا في انتخابات البرلمان، أم أن هذه التجربة ستفشل في موريتانيا ولأكثر من سبب؟؟.