"المرتزقة السياسيون" ظاهرة تهدد السلم في موريتانيا، وتخلق واقعا سياسيا مزيفا (خاص)
يــُعرف المرتزقة بأنهم أشخاص يتم استقدامهم لساحات الحروب، للقتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، مقابل مبالغ مالية يتقاضونها، ولا يهمهم إن كانت الحرب عادلة، أم ظالمة، فهم لا يهتمون بالمبادئ، ولا القوانين والأخلاق، لأنهم مجرد بنادق للإيجار، وإذ كان هذا حال المرتزقة في عالم الحروب، فإن هناك مرتزقة في عالم السياسة، وهم أولئك الأشخاص الذين يتم سحب بطاقات تعريفهم وتسجيلها في مناطق لا يسكنونها، بل قد لا يكونوا رأوها في حياتهم، ويتم جلبهم فرادى وجماعات يوم الاقتراع للتصويت في تلك المناطق البعيدة من مناطق سكنهم، من أجل هدف واحد، وهو تغيير الواقع السياسي المحلي لتلك المناطق عبر أصوات "مرتزقة سياسيين" ينتهي دورهم بانتهاء يوم التصويت ليعودوا إلى مناطقهم الأصلية، بعد أن حققوا نصرا سياسيا مزيفا.
لقد بدأت ظاهرة المرتزقة السياسيين تستفحل في موريتانيا، تغذيها أطراف نافذة، وشخصيات وجدت في هذه الظاهرة فرصتها لإثبات وجودها السياسي، على حساب القوى السياسية الحقيقية، وقد أدت الظاهرة لاحتكاكات خطيرة كادت تهدد السلم الأهلي، مما استدعى تدخل الشرطة والدرك، كما حدث في جكني خلال انتساب الحزب الحاكم، وفي مناطق أخرى، فإذا كان القانون يسمح للمواطنين بالتسجيل والتصويت في أي مكتب اقتراع على عموم التراب الوطني، فإن الطبيعية القبلية للمجتمع الموريتاني جعلت كل مدينة، وكل بلدية تـُصنف تابعة لمجموعة، أو مجموعات قبلية بعينها، وتعتبر غزوها من قبل أشخاص غرباء، يأتون في مواسم السياسة لفرض واقع على السكان المحليين أمرا غير مقبول بالنسبة للسكان، وتبدو الدولة مطالبة بوضع معايير واضحة للحفاظ على الخصوصية السكانية لكل منطقة، ومنع تغول البعض على البعض، فظاهرة التقري السياسي الفوضوي، لا تقل خطرا عن التقري الفوضوي.