هل أدخل ولد الشيخ احمد موريتانيا في المستنقع السعودي؟!
خلال أقل من أسبوعين أصدرت وزارة الخارجية الموريتانية بيانين اثنين، يتعلقان بالدولة ذاتها، بل وبالقضية نفسها، ولم تكن تلك الدولة سوى المملكة العربية السعودية، والقضية قتلها للإعلامي جمال خاشقجي - كما اعترفت السعودية رسميا-، صحيح أن السياسة الخارجية في موريتانيا يرسمها رئيس الجمهورية بشكل خاص، فهي من اختصاصه وحده، وصحيح كذلك أن موريتانيا ارتمت في حضن السعودية قبل وصول إسماعيل ولد الشيخ احمد وزارة الخارجية، لكن المراقبين رأوا في تعيينه عليها محاولة من الرئيس ولد عبد العزيز فتح قنوات اتصال مباشرة مع السعودية، مستغلا في ذلك علاقة ولد الشيخ احمد بالعائلة الحاكمة هناك، بحكم عمله مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى اليمن، حيث كان محسوبا على السعودية.
وإذا كان بيان الخارجية الموريتانية الأول الذي طالب بانتظار نتائج التحقيق في اختفاء جمال خاشقجي - رحمه الله- مفهوما، إلا أن البيان الثاني الذي جاء ليبدي كامل الدعم للسعودية بعد اعترافها بقتل ذلك الصحفي المرموق كان غير مبرر، وكان يسع موريتانيا الصمت على الأقل عندما يتعلق الأمر باعتراف بالقتل، وبعد أن غيرت السعودية روايتها من وفاة خاشقجي في شجار، إلى أنه مات خنقا على يد محققين، بتنا ننتظر البيان الثالث لوزارة الخارجية الموريتانية الذي يقول ما نصه حرفيا"تشيد موريتانيا بالطريقة الحضارية الراقية التي تم بها التخلص من المواطن السعودي جمال خاشقجي، وتشيد بمهنية فريق الاغتيال السعودي"!!!.
أصر وزير خارجية موريتانيا- أو السفير الثاني للسعودية - إسماعيل ولد الشيخ احمد على إصدار بيانه الثاني خلال أيام، وبما أن روايات السعودية بشأن مقتل خاشقجي تتغير باستمرار، ويناقض أولها آخرها، فقد تقع خارجية موريتانيا في حرج شديد، ويجد ولد الشيخ احمد نفسه ينتقد شيئا في الصباح، ويشيد به في المساء في البيان الثاني حسب مزاج الأمير محمد بن سلمان، لتبقى الأسئلة التي تدور في خلد كل موريتاني.. هل موريتانيا مـُجبرة أصلا على أن تصدر بيانا عن كل نازلة سعودية صغيرة أو كبيرة، ثم هل مواقفنا هذه مدفوعة الثمن، أم هي مـُ وزعة مجانا ولا تـُباع، مثل كتب السعودية، والسؤال الأبرز هل أصدرت السعودية يوما بيانا واحدا يتعلق بالقضايا الهامة، والأحداث البارزة في موريتانيا، مثل الانتخابات، والاستفتاء...؟؟؟؟؟.
فقد كان بإمكان الخارجية السعودية أن تصدر بيانا واحدا مقابل بيناتنا الكثيرة، لتعلن فيه "ارتياح السعودية، وتهنئتها للرئيس، والشعب الموريتاني على الانتخابات الحرة والنزيهة التي جرت في ظروف من الأمن والاستقرار، وتعكس نضج الشعب الموريتاني وحكمة قيادته"، وهل أصدرت الخارجية السعودية بيانا عندما تم توقيف نجل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إثر حادث إطلاق النار على الفتاة قبل سنوات، لتقول السعودية"إن هذا الحادث كان عرضيا، وخطأ، والخطأ معفو عنه، ويجب عدم استغلاله سياسيا، وترك القضية ليتم حلها عائليا"؟؟؟.لم تتحدث السعودية عن أي من ذلك، فلماذا نحشر أنفسنا في شؤونهم الداخلية ؟؟.