أبرز ملامح النظام الموريتاني القادم (خاص)
منذ استقلال موريتانيا ظلت البلاد تعاني من انفصام تام بين الأنظمة، السابقة واللاحقة، على قاعدة "كل ما جاءت أمة لعنت أختها"، فكل نظام يعتبر الذي قبله سبب الخراب، ويبني على أنقاضه، وهو ما أفقد البلاد ميزة الاستفادة من التراكم اإيجابي، وتكامل الأجيال، وتوحيد الجهود، واليوم تبدو موريتانيا مقبلة - ولأول مرة- على تجربة فريدة في تاريخها السياسي، ومرحلة عنوانها استمرار المسار، واستكمال الإنجاز، وتثمين الموجود، والانطلاق منه لحتقيق المفقود، فمع فوز المرشح محمد ولد الشيخ محمد احمد ولد الغزواني -كما هو متوقع- سيتحقق مفهوم الاستقرار، والاستمرار، وتثمين المـُنجز، واستكمال المشروع الوطني الشامل للنهوض بالبلد.
صحيح أن ولد الغزواني شخص مستقل بفكره، ولديه رؤيته الخاصة، وفلسفته في إدارة شؤون البلد، لكن تلك الرؤية وليدة تراكم من العمل مع فريق، بقيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وبانتخاب ولد الغزواني سيتغير المدرب، لكن نهج الفريق سيظل قائما، ونقاط قوته ستتعزز، وبدل تضييع الوقت والجهد في إظهار مكامن إخفاق الأنظمة السابقة، سيتركز الجهد على البناء والتشييد، وسيشكل أركان النظام الحالي سندا لولد الغزواني لتحقيق برنامجه الانتخابي، بدل وضع العصي في الدواليب، ومحاولة خلق الأزمات، وإرباك المشهد كما دأبت على ذلك فلول أي نظام يجد نفسه خارج السلطة، ولعل السبب في ذلك هو أن ولد الغزواني سيصل سدة الحكم عبر إرادة شعبية، وبطريقة مدروسة، ومـُخطط لها جيدا منذ سنوات، وهذا التغيير الهادئ، و"الشرعي" هو ما تحتاجه موريتانيا في مرحلة حساسة تعصف فيها التغييرات الدراماتيكية والمرتجلة بأقطار عربية وإفريقية ليست عنا ببعيد.