موريتانيا: الرئيس، والشعب، والمعارضة.. الجميع تصرف كما يجب (شكرا)
أظهرت فاجعة رحيل نجل رئيس الجمهورية، ورفيقه، المرحومين – بإذن الله- أحمدو، وعمر انجاي - أظهرت أن لنا شعبا عظيما، ورئيسا عظيما، فقد جسد هذا الحادث الأليم مقولة "إن المصائب توحد الشعوب" فالجميع، معارضة، وأغلبية، رجالا، ونساء، فقراء، وأغنياء، هرعوا إلى منزل أسرة أهل عبد العزيز لتقديم العزاء، والمواساة، وبدا واضحا أن المـُصاب مصاب الجميع، وشارك الجميع رئيس الجمهورية حزنه، ..
الزعيم أحمد ولد داداه، ضرب مثلا في الإنسانية، والأخوة، فكان من أوائل القادمين إلى جامع ابن عباس للصلاة على المرحون،وفي اليوم الموالي كان في منزل أهل عبد العزيز، وقدم التعازي لرئيس الجمهورية، ووالده، وهو الذي لم يلتق الرئيس منذ شهور طويلة، لكنه الآن جاء بسرعة، وبدون دعوة، في موقف إنساني رائع.
بعد هذه الهبة الشعبية، غير المسبوقة، واللحظة الإيمانية، الوحدوية، اتضح جليا للجميع أن الشعب الموريتاني بكامله هو بمثابة " أسرة " واحدة، إذا اشتكى منها فرد تداعى له سائر أفراد الأسرة بالوجع، والتضامن، .. نعم، لا مبالغة في ذلك، فمن شهد صلاة الجنازة على المرحوم – بإذن الله – نجل الرئيس أحمدو، يدرك فعلا هذه الحقيقة، فأي شيء يمكن أن يجمع كل هذه الآلاف المؤلفة في صعيد واحد، وخلال دقائق، وبعضهم من أشد معارضي ولد عبد العزيز، إذا لم يكن الإيمان، والأخوة ؟ّ.
إن هذه الحادثة الأليمة، وما أبانت عنه من تصرف رائع، من الشعب، والرئيس، تطرح السؤال ملحا: لماذا نختلف ؟ وعلى أي شيء نختلف، مادامت هناك هذه القوة القاهرة، القادرة على توحيدنا بهذا الشكل في اللحظات الصعبة ؟.
لم يخيب رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز آمال الشعب المكلوم، فكان الرجل صبورا، مؤمنا، وشجاعا، وأدار اللحظة بما يناسبها، رغم صعوبة الوضع، وجسامة المصيبة، التحم الرئيس بشعبه، في الجامع، وفي منزل أسرته، ابتعد الحرس، واختفى لبروتوكول، وفتح المنزل على مصراعيه لأي مواطن ليقابل رئيسه وجها لوجه، ويقدم واجب العزاء، في جو تجاوز فيه الجميع كل الخلافات، وأصبح فردا من أفراد أسرة أهل عبد العزيز.
وكتجسيد لهذه اللحمة الوطنية الحقيقية، والعفوية، حرص رئيس الجمهورية على زيارة منزل أسرة الصحفي المرحوم الشيخ عمر انجاي، وقدم بنفسه العزاء، وتعهد بالتكفل بالأسرة على نفقته الخاصة، فأي لحظة هذه، وأي أجواء تلك التي أراد الله أن ندخلها دون ترتيب مسبق، ولا جهد من أي أحد ؟؟؟ .
إن هذه الحادثة الأليمة جعلتنا أمام ملاحظتين بارزتين:
الأولى: أن علينا أن نستخلص العبر، ونعمل، ونتصرف، كأسرة واحدة، - ونحن بالفعل كذلك- فلا يوجد شيء يستحق أن نختلف عليه، أو من أجله، وما من سبب يجعلنا نتفرق، ونتنابز بالألقاب، فخلافاتنا مـُزيفة، وتفرقنا غير مـُبرر، وأسباب تشرذمنا كاذبة، وخادعة، فبوحدتنا، وتنسيقنا، وتراحمنا، سنحقق ما يريده الجميع من مصالح وطنية.
الملاحظة الثانية الهامة هي: أن معارضتنا طيبة، وتستحق الاحترام، ورئيسنا رجل عظيم، جدير بالتقدير، وقبل هذا وذاك شعبنا شعب أبي، وفي، مؤمن، وعظيم، لذلك من غير المفهوم أن نكون متحدين بهذا الشكل الرائع، ثم نفسد وحدتنا بالسياسة الخبيثة، كفرنا بالسياسة، وآمنا بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وبالإسلام دينا، ومنهجا.
شكرا.. أيها الشعب الموريتاني الأبي الكريم، وشكرا فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وشكرا معارضتنا المحترمة.. وإن شاء الله من الآن فصاعدا سيتوحد الشعب الموريتاني، ويتسامى على خلافاته الوهمية، ويبني بلده موحدا، ومتآخيا، ومتراحما.
بقلم: سعدبوه ولد الشيخ محمد