هل بدأ " تسييس" جماعة الدعوة والتبليغ ؟ (تقرير)
تتميز جماعة الدعوة والتبليغ بأن أنشطتها دعوية، تربوية بحتة، وتحظى الدعوة والتبليغ بمحبة، واحترام معظم الموريتانيين، والمسلمين في العالم، لكونها جماعة سلمية، تنصب جهودها على تزكية النفس، وتقوية الوازع الإيماني، وربط المسلم بخالقه، ودينه، وتتخذ الدعوة والتبليغ من المساجد مكانا لأنشطتها، وترفض ضيافة أي جهة مهما كانت، وتسود بين المنخرطين في الدعوة والتبليغ روح الأخوة الإيمانية، وتحرص الجماعة عادة على الابتعاد عن تناول السياسة، أو الخوض في شؤون الحكم، وتنأى بنفسها عن دعم، أو معارضة الأنظمة.
ولعل هذه الميزات هي التي جعلت الدعوة والتبليغ تلقى كل هذا الانتشار الواسع في أرجاء العالم الإسلامي، وغيره، وقد دأبت جماعة الدعوة والتبليغ في موريتانيا منذ سنوات على تنظيم اجتماع سنوي كبير بمقاطعة الرياض بانواكشوط، يحضره الآلاف من أنحاء البلاد، ومن خارجها، وكان هذا التجمع الإسلامي الضخم يمر عادة في جو إيماني، بعيد عن الصخب، والأضواء الإعلامية، وبعيدا كذلك عن الدعاية لغير الله، ودينه، فأعضاء الجماعة يحرصون على عدم الظهور في وسائل الإعلام،لكن لوحظ هذه السنة تسابق بعض المنابر الإعلامية لمواكبة اجتماع الدعوة والتبليغ هذه المرة، كما لوحظ بشكل بارز حضور بعض السياسيين البارزين في البلد، ما جعل البعض يتساءل: هل بدأ تسييس عمل جماعة الدعوة والتبليغ في موريتانيا ؟ وهل ستسمح الجماعة لأي جهة بـ " اختطاف" شعبيتها الكبيرة، لتستفيد منها سياسيا، بأي شكل من الأشكال ؟.
مهما يكن من أمر فإن الأمر المسلم به هو أنه إذا كانت جماعة الدعوة والتبليغ تبتغي بعملها وجه الله، ونشر الدين الإسلامي، والتمسك بالسنة النبوية، فإن وسائل الإعلام ليست بالضرورة كذلك، فهي مؤسسات إعلامية، تابعة لتيارات سياسية، وفكرية معينة، أو لأوساط مقربة من النظام، والأكيد أن أجندة وسائل الإعلام تختلف تماما عن أجندة الدعوة والتبليغ، وهذا ما ستكشف عنه الأسابيع، والأشهر، وربما السنة المقبلة، لنعرف إجابة السؤال الجوهري.. هل ستبقى جماعة الدعوة والتبليغ كما عرفها العالم تعتبر السياسة " جيفة" يجب الابتعاد عنها، أم سيتم جرها - طائعة، أو مكرهة - إلى المستنقع السياسي؟؟.