خلافا لتعليمات رئيس الجمهورية، السلطات تسمح بأنشطة قبلية بارزة بمشاركة منتخبين وموظفين كبار
خلال خطابه في افتتاح مهرجان مدائن التراث في مدينة شنقيط يوم 13 ديسمبر 2024 حذر رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني من النزعة القبلية، مبينا خطرها على الدولة والمجتمع، وقال رئيس الجمهورية حرفيا"أعلنا الحرب على العقليات المضرة بلحمتنا الاجتماعية، والمنافية لقيمنا الدينية، ومفهوم الدولة الحديثة، من قبيل التراتبيات الوهمية، والصور النمطية الزائفة، والنفس القبلي والشرائحي الهدام".
وفي خطابه في مهرجان وادان يوم 10 ديسمبر 2021 دعا رئيس الجمهورية بشكل أكثر صرانة ووضوحا إلى "الوقوف في وجه المد القبلي المتصاعد هذه الأيام"
وأصدرت وزارة الداخلية الموريتانية شهر فبراير 2020 تعميما وقعه الوزير حينها محمد سالم ولد مرزوك يقضي بمنع أي تجمع أو نشاط على أساس قبلي، وأمرت وزارة الداخلية في التعميم الولاة والحكام ورؤساء المراكز الإدارية بعدم السماح للأنشطة والتجمعات الجماهيرية ذات الطابع القبلي.
ورغم هذه الإرادة الواضحة من أعلى مسؤول في الدولة، وأهم قطاع حكومي معني بالحريات العامة، فإن التجمعات والأنشطة القبلية استمرت- لا بل تصاعدت وتكثفت في الآونة الأخيرة- ولعل أبرزها ما شهدته العاصمة انواكشوط يوم الأحد الثاني من من شهر فبراير 2025 على بعد مرمى حجر من القصر الرئاسي ومقر وزارة الداخلية من نشاط قبلي كبير، حشدت فيه عدة قبائل مئات المواطنين في تجمع جماهيري تحت يافطة القبيلة وبشكل معلن مسبقا، ولم تتم مضايقة النشاط القبلي هذا ولا مساءلة القائمين عليه.
والمفارقة أن من بين المشاركين في هذا النشاط القبلي غير القانوني - بنص القانون- منتخبون، وموظفون كبار في الدولة، لم يجدوا حرجا في حضور نشاط يتنافى تماما مع روح المواطنة ودولة القانون، ويكرس الاستقطاب القبلي والتراتبية المجتمعية، ويفرق المواطنين على أساس قبائلهم، ليبقى السؤال مطروحا .. لماذا سمحت وزارة الداخلية بتنظيم هذ النشاط القبلي الحاشد في انواكشوط، وهل تستطيع الوزارة مستقبلا منع أي نشاط ذي صفة قبلية بعد سماحها بتنظيمه على هذا النحو السافر؟.