تجمع أمن الطرق بين الهجوم، والدفاع
"التجمع العام لأمن الطرق" جهاز يعد أحدث الأجهزة الأمنية في البلاد، اتخذ النظام الموريتاني قرارا بإنشائه للتصدي للجريمة، خصوصا بعيد عمليات اختطاف على الطرقات، وكذلك لضبط حركة السير في العاصمة أولا، وفي المدن الداخلية لاحقا.
وحتى قبل أن يبدأ عمله فعليا شكك البعض في قدرته على القيام بهذه الأدوار المنوطة به، بل تجاوز البعض مرحلة التشكيك، للعمل – سرا، أو جهرا- لإفشال هذه التجربة.
وخلال الأشهر الماضية تصاعدت بشكل ملحوظ الهجمات الإعلامية ضد التجمع، وبدا أن هناك جهات حريصة على تقزيم إنجازاته، رغم أهميتها، وتضخيم أخطاء بعض أفراده، وتعميمها على التجمع برمته، وحتى لا يكون الكلام عموميا نورد هنا حادثتين تعتبران أحدث حلقة في مسلسل استهداف تجمع أمن الطرق.
الحادثة الأولى: هي توقيف عناصر من تجمع أمن الطرق، والشرطة بعد اتهامهم بالاعتداء الجنسي على فتاة، حيث سارعت بعض الجهات لشن حملة إعلامية لتشويه سمعة التجمع، واستغلال هذه الحادثة، ووصفها بالسلوك المستشري بين أفراد التجمع، والأغرب من ذلك أن هذه الجهات حاولت التعتيم على عنصر الشرطة في هذه الحادثة، بل وحاولت تلك الجهات منع تسليم الشرطي للعدالة! الغريب ليس إحالة متهمين للعدالة، بل محاولة البعض التمييز بين المتهمين حسب انتمائهم الوظيفي، ومن ثم استغلال هذه الحادثة لتشويه صورة تجمع أمن الطرق.
أما الحادثة الثانية فهي: نجاح التجمع العام لأمن الطرق في توقيف مجرم دولي، مطلوب لدى "الإنتربول" واستطاع أفراد التجمع إلقاء القبض عليه في عملية نوعية في انواكشوط، ورغم أهمية هذه العملية إلا أنها لم تحظ بالتغطية الإعلامية المناسبة، بل حاولت تلك الجهات التعتيم عليها، بينما تنشر تلك الجهات قصصا يومية عن "غزوات" يقوم بها جهاز الشرطة، حتى باتت بعض المواقع الإلكترونية متخصصة في نشر محاضر المفوضيات، وأسماء اللصوص.
كما أن الحوادث التي يتهم فيها بعض أفراد تجمع أمن الطرق هي حوادث فردية، وقليلة، ومع ذلك يصر البعض على تضخيمها، في حين ينجح تجمع أمن الطرق في إحباط عمليات اختطاف، واغتصاب، وسرقة بشكل شبه يومي، ولا يريد أحد أن يتحدث عن ذلك.
إن الصراع بين أجهزة الأمن يفترض أن يظل في إطار "التنافس" الإيجابي، والتسابق في أداء الواجب، ولا ينبغي أن يحاول جهاز أمن – مهما كانت عراقته- أن يقزم، أو يقلل من دور جهاز أمني آخر مهما كانت حداثته، لأن جهود الجميع ينبغي أن تتكامل لخدمة الوطن، كل من جانبه، وحسب اختصاصه.
بعض المراقبين يأخذون على تجمع أمن الطرق ضعف الأداء الإعلامي، والإعلاني، والاكتفاء بتلقي الضربات من وسائل إعلامية محسوبة على أطراف منافسة، أو معادية- لم نعد ندري- في حين يرى آخرون أن جهاز الشرطة يمتلك شبكة من الأقلام بناها على مدى عقود، وهي جاهزة للنشر، والتوجيه، والتشويه أيضا حسب الطلب، بينما تجمع أمن طرق جهاز حديث النشأة، ويقوم على فلسفة مغايرة تماما مفادها الانشغال باختصاصه الأصلي، وعدم الدخول في صفقات إعلامية، أو مواجهات جانبية، يعتبر الإعلام سلاحها الأوحد.
وفي انتظار حسم معركة البعض ضد تجمع أمن الطرق، يبقى السؤال مطروحا، ومشروعا كذالك... ما الذي يريده هؤلاء من تجمع أمن الطرق؟؟ هل يريدون منه محاربة الأمية، وزيادة المنتوج الزراعي، ومكافحة الاحتباس الحراري؟؟!! أم يريدون منه أن يكون جهازا أفراده من صنف"المعصومين" لا يخطئون؟!
نطرح هذه الأسئلة الاستنكارية لأن تجمع أمن الطرق نجح إلى حد كبير في ضبط السير في مدينة يسكنها نحو مليون نسمة، وتسير في شوارعها عشرات آلاف السيارات، كما نجح التجمع في وقت قياسي في تغيير الصورة السلبية في ذهن المواطنين عن رجل الأمن، باعتباره ذلك الشخص الذي يقف على قارعة الطريق يتحسس جيبه، ويبحث عن الأخطاء المرورية باعتبارها مصادر دخل لجيبه، وبعد أن كان المواطن يتساءل لماذا أستكمل أوراق سيارتي مادام مبلغ 200 أوقية يوفر لي الحصانة ؟!!
في الحقيقة لا نريد التهجم على أي جهاز أمني بقدر ما نريد وضع الأمور في نصابها، وإنصاف هذا التجمع الذي يهاجمه الكثيرون، وهو مع ذلك يواصل مسيرته بثبات، غير مكترث بما يقال، وما يكتب لأن أصحاب هذه الأقلام غالبا يأخذون على تجمع أمن الطرق وجوده أصلا، أو بالحسانية "شايفين اعليه اخلاكتو" وتلك مشكلة يصعب حلها، ليبقى تجمع أمن الطرق بين الهجوم من بعض الجهات، والدفاع عن الوطن فيما يسند إليه من اختصاص.
سعدبوه ولد الشيخ محمد