موريتانيا.. والحرب المقدسة
تعيش موريتانيا هذه الأيام على وقع صراع أحادي الطرف، صراع هو بالتأكيد جديد على هذه البلاد، التي كانت تختلف في كل شيء، إلا عقيدتها، ودينها، فقد ظل الالتزام الديني، والتشبث بالقيم الإسلامية محل إجماع بين الكل...
وتكمن خطورة هذا الصراع الجديد في أن المجاهرة بالذنب، أو إعلان المنكر من القول، والعمل لم تعد أمرا محظورا – كما كانت- فالكل يكتب ما يخطر بباله، ويقول ما يريد، ويفعل ما يحلوا له، فمن الحرق، إلى السب، إلى التمزيق، تفنن البعض في العبث بمقدسات هذه الأمة، دونما رادع من قانون، أو زاع من ضمير.
عبث "الملحدين" بالدين، لم يعد أمرا يخص الدين فقط، بل بات مرتبطا بالدنيا كذلك، فكل جريمة تدنيس، أو خطيئة إساءة للمقدسات تتلوها موجة احتجاجات، تكون أحيانا مبررة، ومنظمة، ومشروعة، بل ومطلوبة، لكنها أحيانا تكون فوضوية، وهدامة، وتخريبية.
حتى بات كل من يريد أن يشل الحياة في العاصمة، أو يدخلها في دوامة من الفوضى، والعنف ما عليه سوى أن يرمي صفحة من كتاب الله العزيز في الشارع، أو يشيع أنه قال له شخص ما، أنه سمع طفلا يقول إن شخصا ما مزق مصحفا، ينتشر الخبر كالنار في الهشيم، وتعم الاحتجاجات، وتنتشر الفوضى.
إن استسهال الإساءة إلى المقدسات أمر في غاية الخطورة، في عالم أصبح فيه التكرار مدعاة للنسيان، وليس العكس، فتكرار الجريمة يحولها إلى "روتين" لا يتفاعل معه الناس، وهنا تكمن الخطورة.
لكن استسهال الحرق، والتخريب، والعبث بالأمن العام هو الآخر لا يقل خطورة، فعندما تضرب هيبة الدولة في الصميم، وعندما تخرب المنشآت العمومية، والخاصة، وعندما تسقط أرواح بريئة في ساحة حرب وهمية، يكون الجميع قد أساء إلى الإسلام أيما إساءة.
إن مواجهة "الإلحاد" في بلد مثل موريتانيا لا تكون بالمظاهرات، والاحتجاجات، بل الأسلوب الأمثل هو الإقبال الجماعي على كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، دراسة، وفهما، وتدبرا، وامتثال، وانتهاء، فالجهد البدني، والأموال التي تنفق في تنظيم الاحتجاجات، أو تلك التي تهدر، وتخرب في الشوارع كان الأولى أن تصرف في فتح المحاظر، وتشجيع الدراسات الإسلامية، وتنظيم ندوات، ومؤتمرات لحث الناس على التمسك بدين الله.
فالاحتجاج، والتظاهر يكون مبررا، ومطلوبا فقط عندما تكون الدولة، أي الحكومة، والرئيس رافضين للإسلام، ومشجعين للإلحاد، ويمنعون فتح الإذاعات، والفضائيات الدينية، ويحاصرون المساجد، ويوجهون العلماء، وينشرون الفسوق، والإلحاد، عندما تكون الدولة تتبع هذا التوجه يكون الاحتجاج، والتظاهر حينها مبررا.
أما ونحن في بلد كان رئيسه سباقا لدعم الإسلام، ونشر القرآن، بكل الوسائل المسموعة، والمقروءة، والمرئية، فلماذا لا تتكاتف الجماهير مع الرئيس، والحكومة لنعلنها حربا سلمية، حضارية، عقلانية، مدروسة ضد الإلحاد، والفسوق، يلعب فيها العلماء الدور الأبرز، بدل المراهقين، والمخربين؟؟؟!!
حرب بهذه الشروط، والضوابط ستكون "حربا مقدسة" لا يتخلف عنها أحد، ولا يتضرر منها أحد سوى الملحدين المارقين على القيم، حرب ستعطي أكلها دون نتائج عكسية، وإلا فستكون حربا خاسرة، لا رابح فيها سوى أعداء الدين، والدولة.
سعدبوه ولد الشيخ محمد